للهِ دَرُّكَ أَيُّها البَدْرُ الذي ... يَهْدي إلى نَهْجِ الصوابِ الظاهِرِ
أبرزتَ من تَيَّارِ عِلْمِكَ دُرَّةً ... في سِلْكِ تِبْرِ قعْرِ بحرٍ زاخِرِ
وهو الآن حي ينتفع به الناس، وله إلي أشعار كثيرة، قال: ثم توفي سنة 1244، رأى الفقيه الفاضل عبد الله بن حسين الأنسي ليلة يوم موته: أنه رأى جبلاً انهدم، فكان جبل العلم هذا:
هوَى يا لَعَمْري طودُ علمٍ تَضَعْضَعَتْ ... معالِمُ آثارٍ لَهُ ومَدارِسُ
قال في "النفس اليماني": ومنهم ولد شيخنا السيد الجليل، العالم النبيل، فخر الإسلام وزينة الليالي والأيام، السيد عبد الله، ذكرته في "تحفة الإخوان" أيام طلبه، وقد صار الآن بحمد الله من العلماء الأعلام، النبلاء الفخام، أحد أئمة العصر وحامل لواء الفخر، له اليد الطولى في العلوم العقلية والنقلية، وجودةُ النظر النقادة في الأحاديث النبوية، مشتغلاً بذلك غاية الاشتغال، حتى نال من هذا العلم الشريف كُلَّ منال، مواظبًا على الإفادة في جميع أوقاته، مقبلاً على الآخذين منه بالتعليم والتفهيم في حركاته وسكناته، تاركًا للتعصبات المذهبية، يدور مع الحديث حيث دار، لا يعتريه ملل، ولا يميل إلى الراحة والكسل، فاكهتُه النظرُ في الزبر والأسفار، وغذاؤه من المعاني سمان الأفكار، ولذته منها افتضاضُ الأَبكار، جعل العلم النفيس النبوي له جليسًا، وعند الخلوة أنيسًا، يعرف الرمزة وإن خفي مكانها، واللمحة وإن عظم شأنها، فهو المجلِّي في حَلْبَة العلوم، والحائزُ قصبَ السبقِ إن تأخرت الفُهوم، مع أخلاق شريفة، وشيم لطيفة، ثمراتُها دانية قطيفة، يسمح بها للمتعلمين، ويعدها للطالبين، فهم لها عاشقون، وإليها ناظرون، وعليها مُعَوَّلون، مع حسن نية، وسلامة طوية، وهمة علية، يحلو منها الإطناب والإيجاز، وهما لديهم في رتبة الإعجاز مع طاعة لأوامر الله ونواهيه، تسر الودود، وتسوء كلَّ هَمَّازٍ حسود، حاز من الرتب الشريفة أعلاها، ومن الأوصاف السنية أغلاها وأجلاها، ومن رآه أحبه بمجرد النظر، فكيف إذا خالطه واختبر، تالله لقد أقر الله به عين الوالد، وتَيَّمَ به قلبَ الوارد والوافد، وكَبَتَ بطلعته البهية عينَ العدو والمعاند والحاسد، وأطلع