الكلمة عند الإمام المهدي، وسائرُ أرباب الدولة كانوا يُجلُّونه ويهابونه، وكان يعمل بالأدلة، ويرشد الناس إليها، وينفر عن التقليد، وله في النهي عن المنكر عناية عظيمة، وكان لا يسمع بمنكر إلا أتعب نفسه في القيام على صاحبه حتى يزيله، وإذا أُصيب رجل بمظلمة فر إليه، فيقوم معه قومة صادقة حتى ينتصف له - فرحمه الله، وكافاه بالحسنى -، فلقد كان من محاسن الدهر، وما زال كذلك حتى توفاه الله في سنة 1173، انتهى.
ولد تقريبًا سنة 1170.
قال الشوكاني: قرأ عليَّ في الأصول، وسمع مني "تيسير الوصول" للدَّيْبَع، واستفاد في عدة فنون، ودرَّس في كثير منها، ونقل كثيرًا من رسائلي، وما زال ملازمًا لي في كثير من الأوقات، وبيني وبينه صداقة خالصة، ومحبة صحيحة، ولم يسلم من التعصبات عليه من جماعة الجهال، حتى جرت له بسبب ذلك محن، وهو صابر محتسب، وهذا شأن هذه الديار وأهلها، فالعالمُ المنصفُ بينهم في غربة، لا يزال يكابد شدائد، ويجاهد واحدًا بعد واحد، و {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]، وهو الآن حي، نفع الله به، انتهى.
قال في "البدر الطالع": ولد سنة 1160، وبرع في جميع العلوم، وهو أحد علماء العصر العاملين بالأدلة، الراغبين عن التقليد، مع قوة ذهن، وجودة فهم، ووفور ذكاء، وحسن تعبير، وخبرة بمسالك الاستدلال، ومتانة دين، واشتغال بالعبادة، ودراية كاملة بمؤلفات والده ورسائله وأشعاره، وهو الذي جمع شعره في مجلد، وبلغني أنه نظم (?) بلوغ المرام وأنه الآن يشرحه، ولا شغل له بغير العلم والإكباب على كتب الحديث وتحرير مسائله وتقرير دلائله، وله نظم منه قصيدة، مطلعها: