ما يخالف الدليل، وإن قال به من قال، ولا أدينُ اللهَ بما يقوله أبو حنيفة وأصحابه إذا خالف الحديث الصحيح، ولكن المرء يدافع عن مذهبه، انتهى.
ولد بهجرة رغافة سنة 744. قال في "البدر الطالع": وقد كنت أرجو أن أجعل على هذا الكتاب حاشية، أُبين فيها ما لعلَّه يحكُّ في المخاطر في مواضع منه، فأعان الله - وله الحمد والمنة - على ذلك، وكتبت عليه حاشية تأتي في مقدار حجمه أو أقل، وسميتها: "وبل الغمام على شفاء الأوام"، وكان الفراغ منها في شهر رجب سنة 1213، وهو العام الذي شرعت فيه في تحرير هذه التراجم، وقد سلكت في تلك الحاشية مسلك الإنصاف كما هو دأب من كان فرضه الاجتهاد، ومن نظر إليها بعين الإنصاف، مع كمال أهليته، عرف مقدارها، انتهى. مات سنة 805.
كان حسنَ الأخلاق، لكنه كان مغرمًا بمشاهدة الحِسان من المُرْدان، لا ينفك عن هوى واحدٍ يتهتك فيه، ويخرج عن طور العقل مع العفة، وكان يمشي وفي يده حزمة من الرياحين، فمن لقيه من المرد، أدناها إلى أنفه، فيُشِمُّها إياه، فإن التمس منه ذلك ذو لحية، قلبها، وضربه على أنفه، واتفق أنه دخل مصر، فرأى نصرانيًا نازعه في أمر من الأمور، فضربه بعكاز في يده ضربة قضى منها في الحال، فتعصب عليه بعض الرؤساء إلى أن أمر السلطان بقتله، فقتل - رحمه الله تعالى - وهو مظلوم لا محالة؛ لأن القائل بقتل المسلم بالكافر - وهم الحنفية - لا يوجبون القصاص في القتل بالمثقَّل، وسائر العلماء لا يقولون: إنه يُقتل مسلم بكافر، وكان وجودُ صاحب الترجمة في القرن الثامن.