إمام مشهور، وعالم مبرور، وكان في مبادىء عمره صاحبَ ثروة عظيمة، بذل المال في وجوه الخيرات حتى صار فقيرًا في آخر عمره، قال في "البدر الطالع": كان حسنَ المعتقدَ، شديدَ الرد على الفلاسفة والمبتدعة، مظهرًا فضائحهم، مع استيلائهم على بلاد المسلمين في عصره، شديدَ المحبة لله ورسوله، كثيرَ الحياء، ملازمًا للجمعة والجماعة، ملازمًا لتدريس الطلبة في العلوم الإسلامية، له إقبال على استخراج الدقائق من الكتاب والسنة، وحاشيتُه على "الكشاف" هي أنفس حواشيه على الإطلاق، مع ما فيها من الكلام على الأحاديث في بعض الحالات إذا اقتضى الحال ذلك على طريقة المحدثين؛ مما يدل على ارتفاع طبقته في علمَي المعقول والمنقول، شرع في جمع كتاب في التفسير، وعقد مجلسًا عظيمًا لقراءة كتاب البخاري، فكان يقرأ في التفسير من بكرة إلى ظُهر، ومن ثَمَّ إلى العصر لإسماع البخاري، إلى أن كان يوم وفاته، فرغ عن قراءة التفسير، وتوجه إلى مجلس الحديث، فدخل مسجدًا عند بيته، فصلى قاعدًا، وجلس ينتظر الإقامة للفريضة، فقضى نحبه متوجهًا إلى القبلة في شعبان سنة 743، انتهى - رحمه الله تعالى -.
قال في "البدر الطالع": ولد في سنة 1149، وبيني وبينه من المودة ما لا يعبر عنه، وهو من جملة مَنْ رغَّبني في "شرح المنتقى"، فلما أعان الله على تمامه، صار يراسلني في الإرسال إليه بنسخة منه، ولم يكن قد تيسر ذلك، ولما ألفت الرسالة التي سميتها: "إرشاد الغبي إلى مذهب أهل البيت في صحب النبي"، ونقلت إجماعهم من ثلاث عشرة طريقة على عدم ذكر الصحابة بسبِّ وما يقاربه، وقعَتْ هده الرسالة بأيدي جماعة من الروافض، فجالوا وصالوا، وتعصبوا وتحزبوا، وأجابوا بأجوبة ليس فيها إلا محضُ السباب والمشاتمة، وكتبوا أبحاثًا نقلوها من كتب الإمامية، وزاد الشر، وعظم الفتنة، وأعانهم على ذلك جماعة ممن له صولة ودولة، وتعصب أهل العلم لها وعليها، وكل مَنْ له