وقوة ذهنه، ولا أقول كما قال بعضهم: إنه عظام لا لحمَ عليها، بل أقول: هو بحر عجاج، متلاطم الأمواج، وله القصيدة التي سماها: فيض الشعاع، أولها:

العلمُ علمُ محمدٍ وصِحابِهِ ... يا هائمًا بقياسِهِ وكتابِهِ

ولي كثير من المناقشات في ترجيحاته التي حررها في مؤلفاته، ولكن مع اعترافي بعظيم قدره، وطول باعه، وتبريزه في جميع أنواع المعارف، ومن رام الوقوف على ما وقع بيني وبينه من الخلاف، فلينظر في شرحه على الأزهار، وفي حاشيتي التي سميتها: "السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار"، وكان له مع أبناء دهره قلاقل وزلازل، كما جرت به عادة أهل القطر اليمني من وضع جانب أكابر علمائهم المؤثرين لنصوص الأدلة على أقوال الرجال، مات - رحمه الله تعالى - في سنة 1084، انتهى.

392 - حسن بن إسماعيل بنِ حسينٍ، المغربيُّ، حفيدُ صاحبِ "البدر التمام شرح بلوغ المرام".

كان بارعًا في جميع العلوم والمعارف، شيخ مشايخ عصره.

قال في "البدر الطالع" بعد بيان مناقبه: والحاصل: أنه من العلماء الذين إذا رأيتهم، ذكرتَ الله - عز وجل - وكل شؤونه جارية على نمط السلف الصالح، وكان إذا سأله سائل، أحاله في الجواب على أحد تلامذته، وإذا أشكل عليه شيء في الدرس، أو فيما يتعلق بالعمل، سأل عنه غيرَ مبال، سواء كان المسؤول عنه خفيًا، أو جليًا؛ لأنه جبل على التواضع، ومع هذا ففي تلامذته القاعدين بين يديه نحو عشرة مجتهدين، والبعض منهم يصنف إذ ذاك في أنواع العلوم، وهو لا يزداد إلا تواضعًا. قرأت عليه في "المطول" وحواشيه، و"العضد"، و"الكشاف" وحواشيه، و"الرسالة الشمسية" وشرحها للقطب، وحاشيتها للشريف، وبعض "تنقيح الأنظار" في علوم الحديث، و"شرح بلوغ المرام" لجده، توفي - رح - في سنة 1208، انتهى. وترجمته حافلة حسنة طويلة ليس هذا محل ذكرها بالتمام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015