أواخر عمره، وأنت في عنفوان الشباب، فقد لا يحتمل الناس منك ما كانوا يحتملونه منه. وأطال معي في هذا الشأن - رح -، وما زال على حاله الجميل حتى مات في تاسع شهر صفر سنة 1209، انتهى.
قال ابن حجر في "الدرر": لم يوجد له نظير في ذلك، إن كان ثابتًا.
ولد بتونس، ثم قدم القاهرة، وكان كثير الهجاء والوقيعة، ثم قدم المدينة النبوية، وجاور بها، وتاب، والتزم أن يمدح النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة إلى أن يموت، فوفى بذلك، وأراد الرحلة عن المدينة، فذكر أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - في النوم، فقال: يا أبا البركات! كيف ترضى بفراقنا؟ فترك الرحيل، وأقام المدينة إلى أن مات، وسمى نفسه: عاشقَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وذكر: أن صاحب تونس بعث إليه يطلب منه العود إلى بلده، ويرغبه فيه، فأجاب: إني لو أُعطيت ملكَ المشرق والمغرب، لم أرغب عن جوار رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فذكر أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأطعمه ثلاث لقمات، قال: وقال لي كلامًا لا أقوله لأحد، غير أن في آخره: واعلم أني عنك راض. فعمل قصيدة، منها شعر:
فَرَرْتُ من الدنيا إلى ساكنِ الحِمى ... فِرارَ مُحِبٍّ عائذ بِحَبيبِهِ
لجأتُ إلى هذا الجنابِ وإنما ... لجأتُ إلى سامي العِمادِ رَحيبِهِ
قال ابن فضل الله: وذكر أبو البركات: أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنشد هذا البيت:
لولاك لم أدر الهوى ... لولاك لم أدرِ الطريق
قلت: وفي معناه البيت:
فلولاكمُ ما عَرَفنا الهوى ... ولولا الهوى ما عرفناكُمُ