على ثلاث مئة كتاب، وهذا الاسم يصدق على الورقة فما فوقها.
وقوله: إنه كثير التصحيف والتحريف، دعوى مجردةٌ عاطلة عن البرهان، فهذه مؤلفاته على ظهر البسيطة محررة أحسنَ تحرير، ومتقنة أبلغَ إتقان، وعلى كل حال، فهو غير مقبول عليه؛ لما عرفت من قول أئمة الجرح والتعديل بعدم قبول قول الأقران في بعضهم بعضًا مع ظهور أدنى منافسة، فكيف بمثل المنافسة بين هذين الرجلين التي أفضت إلى تأليف بعضهم في بعض؟! فإنَّ أقلَّ من هذا يوجب عدم القبول.
والسخاوي - رحمه الله - وإن كان إمامًا غيرَ مدفوع، لكنه كثيرُ التحامل على أكابر أقرانه، كما يعرف ذلك من طالعَ كتابه "الضوء اللامع"؛ فإنه لا يقيم لهم وزنًا، بل لا يسلم غالبُهم من الحطِّ منه عليه، وإنما يعظم مشايخه وتلامذته ومن لم يعرفه ممن مات في أول القرن التاسع قبل مولده، أو مَنْ كان في غير مصره، أو يرجو خيره، أو يخاف شره، أو ما نقله من أقوال مَنْ ذكره من العلماء مما يؤذن بالحطِّ على صاحب الترجمة، فسبب ذلك دعواه الاجتهاد كما صرح به، وما زال هذا دأب الناس مع من بلغ إلى تلك الرتبة، ولكن قد عَرَّفناك في ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية: أنها جرت عادة الله سبحانه كما يدل عليه الاستقراء برفع شأن من عودي بسبب علمه وتصريحه بالحق، وانتشار محاسنه بعد موته، وارتفاع ذكره، وانتفاع الناس بعلمه. وهذا كان أمر صاحب الترجمة؛ فإن مؤلفاته انتشرت في الأقطار، وسارت بها الركبان إلى الأنجاد والأغوار، ورفع الله له من الذكر الحسن والثناء الجميل ما لم يكن لأحد من معاصريه، والعاقبةُ للمتقين، تجاوز الله عنهما جميعًا وعنا بفضله وكرمه. ولد السيوطي في سنة 849، وتوفي سنة 911، انتهى. - رحمه الله تعالى رحمة واسعة -.
قاضي صنعاءَ وعالمُها ومحدثُها، جدُّ شيخنا الحسن بن إسماعيل بن الحسين.