أحسن الله تعالى إليه في آخرته والمآب -، فأبرز لنا ما هو الحق والصواب من كتاب الله المجيد الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيد} [فصلت: 42].
فبين الذي نحن عليه، وهو دين غالب الناس من الاعتقادات في الصالحين وغيرهم، ودعوتهم عند الشدائد، والتقرب بالذبح لهم، والنذر لهم، والاستغاثة بهم، وطلب الحاجات منهم، وأنه الشرك الأكبر الذي نهى الله عنه، وتهدَّد بالوعيد الشديد عليه، وأخبر في كتابه أنه لا يغفره إلا بالتوبة منه، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، وقال: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 13، 14]، والآيات - في أن دعوة غيره شرك أكبر - كثيرة واضحة شهيرة.
فحين كشف لنا الأمر، وعرفنا ما نحن عليه من الشرك والكفر بالنصوص القطعية والأدلة الساطعة من كتاب الله، وسنة رسوله، وكلام الأئمة الأعلام الذين أجمعت الأمة على روايتهم، عرفنا أن ما نحن عليه، وما كنا ندين به أولاً أنه الشرك الأكبر، الذي نهى الله عنه وحذر، وأن الله إنما أمرنا أن ندعوه وحده، وذلك كما قال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]، وقال تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [الرعد: 14]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5، 6].
إذا عرفتم هذا، فاعلموا - رحمكم الله - أن الذي ندين الله به هو إخلاص العبادة لله وحده، ونفي الشرك، وإقام الصلاة في الجماعة، وغير ذلك من أركان الإسلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ولا يخفى على ذوي البصائر والأفهام، والمتدبرين من الأنام، أن هذا هو الدين، جاءنا به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قال-