عطية، فذهب، ثم أتاه مرة أخرى فأعطاه، ثم أتى مرة أخرى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني عزمتُ ألا أقبلَ هديةً إلا من قرشيٍّ أو ثقفيٍّ"، فقال حسان:
إِنَّ الهدايا تجاراتُ اللئامِ، وما ... يرجو الكرامُ لِما يهُدون من ثَمَنِ
وكان عمر - رضي الله عنه - لا يقبل هدية العمال، وإذا قبلها، وضعها في بيت المال، فقيل له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقبل الهدية، فقال: إنها كانت هدية، وهي الآن رشوة، ولذا قال الزاهد ابن عمران:
تَوَقَّ وحاذِرْ من قَبولِ هديَّةٍ ... وإنْ جاءنا فيه حديثٌ مُرَغِّبُ
فقد حدثَتْ بعدَ الرسولِ حوادثٌ ... تحذَّرُنا عنها وعَنْها تُرَغَّبُ
وكانَتْ هدايا في الأوائلِ قبلَنا ... تؤلِّفُ فيما بينَهم وتُحَبِّبُ
فعادَتْ بلايا يسرعُ المَنُّ بعدَها ... تُفَرَّقُ فيما بينَنا وتُجَنِّبُ
فرعٌ من ذوابة هاشم، ونبعة من وشيج تلك المكارم، من آل السيد جلال الدين البخاري.
وهم مشايخ سادة مكرمون، لا يمس صحفَ مجدِهم إلا المطهرون من حدث البشرية، ودنس الهيولى الدنية، من كل من قضى للعلياء وطرَها، وتلا آيات الكرامة وسُوَرَها، تعبق منهم أنفاسُ النبوة، وتجر لهم على وجه البسيطة أذيالُ الفتوة، ولم تُمْحَ محاسنُهم من صحائف الليالي والأيام، ولا تثمر بمثلها أغصانُ اليراع والأقلام.
ولد - رضي الله عنه - في سنة 1210، وتوفي - رحمه الله تعالى - في سنة 1253. قرأ القرآن، وتعلم الفنون الآلية، وحصل الأدب، وسافر إلى البلاد، ودار على المشايخ الأمجاد، من أجلَّهم: أبناءُ الشيخ الأجل أحمد وليَّ الله المحدَّثِ الدهلوي، وهم: الشيخ عبد العزيز، والشيخ رفيع الدين، والشيخ عبد القادر - رحمهم الله تعالى -. وكان له محبة أكيدة مع الشيخ إسماعيل الشهيد، والشيخ عبد الحي المرحوم، وكانت بيعته على يد السيد العارف أحمد