قال عز الدين الشريف: حدث المجد بالحجاز والعراق والشام، وبلده حران، وصنَّف ودرَّس، وكان من أعيان العلماء، وأكابر الفضلاء ببلده، وبيتُه مشهور بالعلم والدين والحديث، وكان عجبًا في حفظ الأحاديث وسردِها، وحفظِ مذاهبِ الناس بلا كلفة.
حكى البرهان المراغي: أنه اجتمع به، فأورد نكتة عليه، فقال المجد: الجواب عليها من ستين وجهًا: الأول كذا، والثاني كذا، وسردها إلى آخرها، ثم قال للبرهان: قد رضينا منك بإعادة الأجوبة، فخضع وابتهر. قال الذهبي: كان معدومَ النظير في زمانه، رأسًا في الفقه وأصوله، بارعًا في الحديث ومعانيه، له اليدُ الطولى في معرفة القرآن والتفسير، صنف التصانيف، واشتهر اسمه، وبعد صيته، فكان فرد زمانه في معرفة المذهب، مفرط الذكاء، متين الديانة، كبير الشأن. وقال عبد الرحمن بن عبد الحليم: كان المجد إذا دخل الخلاء يقول لي: اقرأ هذا الكتاب وارفعْ صوتك حتى أسمعَ. قال ابن القيم: يشير بذلك إلى قوة حرصه على العلم وحفظه لأوقاته. وللصرصري قصيدة في مدح الإمام أحمد وأصحابه، أثنى فيها عليه كثيرًا، وقال العلامة محمد بن علي الشوكاني في "نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار": هو الشيخ الإمام، علامة عصره، المجتهد المطلق، المعروف بابن تيمية، سمع من جماعة، وتفقه وبرع، واشتغل وصنف، وانتهت إليه الإمامة في الفقه، ودرس القراءات، وابتهر علماء بغداد لذكائه وفضائله، والتمس منه أستاذ دار الخلافة محيي الدين بن الجوزي الإقامة عندهم، فتعلل بالأهل والوطن، وصنف مع الدين والتقوى وحسن الاتباع، قال: وقد يلتبس على من لا معرفة له بأحوال الناس صاحب الترجمة هذا بحفيده شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن عبد الحليم - شيخ ابن القيم - الذي له المقالات التي طال بينه وبين أهل عصره فيها الخصام، وأُخرج من مصر بسببها، وليس الأمر كذلك. قال في "تذكرة الحفاظ" في ترجمة شيخ الإسلام: هو أحمد بن المفتي عبد الحليم بن الشيخ الإمام المجتهد عبد السلام الحراني، انتهى. قال ابن رجب: ومن تصانيفه: المنتقى في أحاديث الأحكام"، وهو الكتاب المشهور، انتقاه من "الأحكام الكبرى" له في عدة مجلدات، ويقال: إن