في الطلب، وقرأ بنفسه، وكتب بخطه، وحصَّل الأصول، وأخذ علم الحديث، ولم يزل يسمع ويقرأ على الشيوخ لإفادة الناس إلى آخر عمره. قال ابن النجار: لم يكن في أقرانه أكثر سماعًا منه، ولا أحسن أصولاً كأنها الشمس وضوحًا، وعليها أنوار الصدق، وبارك الله له بالرواية، حتى حدث بجميع مروياته، صحبتُه مدة طويلة، وقرأت عليه في حلقته، وكان ثقة نبيلاً. وقال ابن نقطة: منه تعلمنا واستفدنا، وما رأينا مثله. وقال ابن الدبيتي: جمع الحديث، وبوَّب، وخرَّج، وكان صدوقًا له معرفة بهذا الشأن، ونعمَ الشيخُ كان.
قال أبو شامة: صنف الكتب الحسان، وتصانيفه تدل على فهمه وضبطه وحسن معرفته. قال المنذري: حدث نحوًا من ستين سنة، وانتفع به جماعة، ولنا منه إجازة، وكان حافظ العراق في وقته، له جزء تتبع فيه الأوهام التي ذكرها الخطيب للأئمة، وأجاب عنها، وفي بعض أجوبته تعسُّف شديد، وبعضها لا يوافق عليه البتة، ولا يحتمله اللفظ بحال، وفي بعضها فوائد حسنة. توفي سنة 611.
ولد سنة 536. سمع من جماعات الحفاظ في بلاد كثيرة، وسمع منه جماعات أيضًا ذكر ابن رجب أساميهم، وكان يمشي في أسفاره على قدميه، وكتبه محمولة مع الناس، وكتب بخطه الكثير من الكتب والأجزاء، وولي بالموصل مشيخة دار الحديث وحدث بها بأكثر مسموعاته، ثم انتقل منها إلى حران، وسكنها إلى حين وفاته، أثنى عليه ابن نقطة، وابن الدبيتي، وابن خليل، وقال: ختم به علم الحديث. وقال ابن النجار: كان على طريقة السلف الصالح، قال المنذري: لنا منه إجازة، وقال أبو شامة: له تصانيف في الحديث. قال الذهبي: له أوهام نبهتُ على مواضعَ منها في "الأربعين" له، وحدث بالإسكندرية في حياة السلفي، توفي - رحمه الله - سنة 612.