ومن كلام أبي يوسف: العلمُ شيء لا يعطيك بعضَه حتى تعطيه كُلَّك، وأنت إذا أعطيته كلك من إعطائه البعضَ على غرور. وأخبار أبي يوسف كثيرة، وأكثر الناس من العلماء على تفضيله وتعظيمه. وقد نقل الخطيب البغدادي في "تاريخه الكبير" ألفاظًا عن عبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، ومحمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسن الدارقطني، وغيرهم ينبو السمع عنها، فتركت ذكرها، واللَّه أعلم بحاله.
وكانت ولادته سنة 113، وتوفي يوم الخميس أول وقت الظهر لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة 182 ببغداد. وولي القضاء سنة 166، ومات وهو على القضاء.
وأما ولدُه يوسف، فإنه كان قد نظر في الرأي، وفَقُهَ، وسمع الحديث من يونس بن أبي إسحق السَّبيعي، والسري بن يحيى، وغيرهما، وولي القضاء بالجانب الغربي من بغداد في حياة أبيه، وصلى بالناس الجمعة في مدينة منصور بأمر هارون الرشيد، ولم يزل على القضاء إلى أن مات في رجب سنة 192 ببغداد - رحمه الله تعالى -.
صاحبُ "المسند الصحيح" المخرج على كتاب مسلم بن الحجاج.
كان أبو عوانة أحد الحفاظ الجوَّادين، والمحدثين المكثرين، طاف الشام ومصر والبصرة والكوفة وواسط والحجاز والجزيرة واليمن وأصبهان والري وفارس.
قال الحافظ أبو القاسم المعروف بابن عساكر في "تاريخ دمشق": سمع أبو عوانة بدمشق يزيدَ بن محمد بن عبد الصمد، وإسماعيل بن محمد بن قيراط، وشعيب بن شعيب بن إسحق، وغيرهم، وبمصر يونس بن عبد الأعلى، وابن أخي وهب، والمزني، والربيع، ومحمدًا وسعدًا ابني عبد الحكم. وبالعراق سعدانَ بنَ نصر، والحسن الزعفراني، وعمر ابن شبة، وغيرهم،