تجملوا قوتكم على ضعفنا، ولا علمكم على جهلنا.

قال ابن رجب وهي رسالة طويلة لخَّصتُ منها هذا القدر.

وأخذَ العلمَ عن الشيخ فخر الدين جماعة، منهم: ولده أبو محمد عبد الغني خطيب حران، وابن عمه الشيخ مجد الدين عبد السلام، وسمع منه خلق كثير من الأئمة والحفاظ، منهم: ابن نقطة، وابن النجار، وسبط ابن الجوزي، وله شعر كثير حسن منه:

أَرى قُوَّتي في كلِّ يومٍ وليلة ... تؤول إلى نقصٍ وتُفْضي إلى ضعفِ

وما ذاكَ من كَرِّ الليالي ومَرِّها ... ولكنْ صروفُ الدهرِ صرفٌ على صَرْفِ

فراقٌ وهجرٌ واخترامُ منيةٍ ... وكيدُ حسودٍ للعداوة لا يُخفي

وداءٌ دخيلٌ في الفؤاد مقلقلُ ... الضُّلوعِ يَجِلُّ الخَطْبُ فيه عنِ الوَصْفِ

وعِشْرةُ أبناءِ الزمان ومكرُهم ... وواحدةٌ منها لِهَدِّ القُوَى تكفي

بُليت بها منذُ ارتقيتُ ذرا العلا ... كما البدرُ في النقصان من ليلةِ النصفِ

وما برحَتْ تَتْرى إلى أن بكيت من ... تَضاعيفها ضَعفًا يزيدُ على ضَعْفِ

وأصبحت شبهًا بالهلال صبيحةَ ... الثلاثينَ أخفاه المحاقُ عن الطَّرْفِ

توفي - رحمه الله تعالى - يوم الخميس عاشر صفر سنة 621، ولما مات، كان في الصلاة.

وقد ذكر ولده مناماتٍ صالحة رُئيت له بعد وفاته، وهي كثيرة جدًا، جمعَها في جزء. منها: أن رجلًا حدثه: أنه رأى والده الشيخ فخر الدين جالسًا على تخت عالٍ، وعليه ثياب جميلة، فقلت له يا سيدي! ما هذا؟ فقرأ: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} [الكهف: 31]. ورآه آخر فسأله: ماذا فعل الله بك؟ قال: غفر لي. ورأى غير واحد جماعة معهم سيوف ورايات، فسألوا عن حالهم، فقالوا: السلطان يركب، ونحن في انتظاره، فقيل له: من السلطان؟ قالوا: الشيخ فخر الدين. ورآه رجل آخر وهو على أحسن حالة، فقال: أليس قد مِتَّ؟ قال: بلى! ولكن أنا - إن شاء الله تعالى - في الأحياء. ورآه آخر، فقال أخبرني الموت كيف هو؟ فقال: والله! الموت وقت حضوره صعب شديد، وبعد الموت كله هين، ثم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015