وكانت إليه الخطابة بحرَّان، ولأهلِه من بعده، ولم يزل أمرُه جاريًا على سداد وصلاح حال.
ولد سنة 542 بمدينة حَرّان، وتوفي بها سنة 621.
ذكره أبو البركات بنُ المستوفي في "تاريخ أربل"، فقال: ورد أربل حاجًّا، ثم قال: سألته عن اسم تيمية ما معناه؟ فقال: حج أبي أو جدي، وكانت امرأته حاملًا، فلما كان بتيماء، رأى جويرية حسنة قد خرجت من خباء، فلما رجع إلى حران، وجد امرأته قد وضعت جارية، فلما رفعوها إليه، قال: يا تيمية! يا تيمية! يعني: أنها تشبه التي رآها بتيماء، فسمي بها، أو كلامًا هذا معناه.
وتيماء: بليدة في بادية تبوك، وتيمية: منسوبة إلى هذه البليدة، وكان ينبغي أن يكون تيماوية؛ لأن النسبة إلى تيماء تيماوية، لكنه هكذا قال، واشتهر كما قال.
قال ابن رجب في ترجمته: قرأ القرآن، وشرع في الاشتغال بالعلم من صغره، وارتحل إلى بغداد، وسمع الحديث بها، وأيضًا بحران، ولازم أبا الفرج ابنَ الجوزي ببغداد، وسمع منه كثيرًا من مصنفاته، وقرأ الأدب على ابن الخشاب، وبرع في الفقه، والتفسير، وغيرهما، ثم أخذ في التدريس والوعظ والتصنيف، وشرع في إلقاء التفسير بكرةَ كل يوم بجامع حران، وولي الخطابة والإمامة بها، وبنى مدرسة، وهو واعظ البلد، وله القبول من عوام البلد، والوجاهة عند ملوكها. وكان بارعًا في تفسير القرآن، وجميع العلوم له فيها يد بيضاء، أثنى عليه ابن نقطة، وقال ابن النجار: سمعت منه ببغداد وحران، وقال المنذري: له خطب مشهورة وشعر، ولنا منه إجازة، وحجَّ، وله تصانيف كثيرة، منها: "ترغيب القاصد في تقريب المقاصد"، و"بلغة الساغب وبغية الراغب".
وكانت بينه وبين الشيخ موفق الدين مراسلاتٌ ومكاتبات، ووقع بينهما تنازع في مسألة تخليد أهل البدع المحكوم بكفرهم في النار، وكان الشيخ الموفق لا يطلق عليهم التخليد، فأنكر عليه الشيخ الفخر، وقال: إن كلام الأصحاب مخالف لذلك.