الصحابة علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وكل عبد الله بن جعفر، فقيل له: لم وكلت عبد الله وأنت سيد من سادات الناطقين؟ فقال: إن للخصومات فحما، قال عبد الله: فنازعني طلحة في ضفير كان بين ضيعة لعلي وضيعة لطلحة، ثم ساق بقية الحكاية وإن كان فيها بعض الخلاف لحكاية مالك بالمعنى المقصود منها، وهو استحسان ركوب القاضي فيما أشكل، ووجوب إمضاء أحكام من قبله لا خلاف فيه، وبالله التوفيق.
في جواز دخول أهل الفضل الأسواق
ومقاربتهم في البيع والشراء وسئل مالك عن الرجل له فضل وصلاح يحضر السوق يشتري لنفسه فيقارب لذلك لفضله أو لحاله، قال: لا بأس بذلك، وقد كان عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يدخل السوق، وسالم بن عبد الله إن كان ليقعد في سوق الليل ويجلس معه رجال وإن كان الحرس ليمرون بجلسائه فيقولون: يا أبا عمر أمن جلسائك؟ فقيل له: ما بال الحرس؟ قال: يطردون عنه أهل السفه والعبث.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال من أن مقاربة أهل الأسواق الرجل فيما يشتريه منهم لفضله وخيره سائغ له لا بأس به؛ لأن ذلك شيء كان منهم إليه دون سؤال منه، فهو رزق رزقه الله إياه على ما جاء في الحديث الذي مضى قبل هذا بيسير في هذا الرسم.
وأما جواز دخول الأسواق والمشي فيها فكفى من الحجة في جواز ذلك قول الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ} [الفرقان: 20] ردا لقول المشركين: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ} [الفرقان: 7] الآية.