الحديث من الفقه أن القاضي إذا بلغه أن قاضيا قضى في أمر لم يكن له أن ينظر فيه، وهذا ما لا اختلاف فيه إذا كان القاضي الذي قضى في ذلك الأمر عدلا.
والذي قال ذلك لعثمان هو معاوية، وكانت الخصومة بين علي بن أبي طالب وطلحة ابن الزبير في ضفير بين ضيعتهما كان علي يحب أن يثبت وطلحة يحب أن يزال، فوكل علي عبد الله بن جعفر فتنازعا الخصومة فيه بين يدي عثمان وهو خليفة، فقال لهما: إذا كان غد ركبت في الناس معكما حتى أقف على الضفير فأقضي فيه بينكما معاينة، فقال وهما يتنازعا الخصومة في الطريق: لو كان منكرا لأزاله عمر، فكان قوله سبب توجه الحكم لعبد الله على طلحة، فوقف عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والناس معه على الضفير فقال: يا هؤلاء أخبرونا أكان هذا أيام عمر؟ فقالوا: نعم، قال: فدعوه كما كان أيام عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فقصصت عليه القصة حتى بلغت إلى كلام معاوية، فضحك ثم قال: أتدري لم أعانك معاوية؟ قال: قلت: لا، قال: أعانك بالمنافسة، قم الآن إلى طلحة فقل له: إن الضفير لك فاصنع به ما بدا لك، فأتيته فأخبرته فسر بذلك، ثم دعا بردائه ونعليه وقام معي حتى دخلنا على علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، فرحب به وقال: الضفير لك فاصنع به ما شئت، فقال: قد قبلت وأنا جئت شاكرا ولي حاجة ولا بد من قضائها، فقال له علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اسأل حتى أقضيها لك، فقال طلحة: أحب أن تقبل الضيعة مع من فيها من الغلمان والدواب والآلة، فقال علي: قد قبلت، قال: ففرح طلحة وتعانقا وتفرقنا، وقال عبد الله: فوالله لا أدري أيهما أكرم في ذلك المجلس، أعلي إذ جاء بالضفير؟ أم طلحة إذ جاء بالضيعة بعرصته بمسناة.
روي عن الشعبي أنه قال: أول من جرى جريا أي وكل وكيلا من