الواهب لميراثه في مرض الميت، ليس بواهب لما لم يملكه بعد، وإنه إنما هو واهب له إذا ملكه بقوله المتقدم قبل أن يملكه، واختلفا في هل يلزمه إذا مات قوله بقوله المتقدم قبل أن يملكه، واختلفا في هل يلزمه إذا مات قوله المتقدم قبل أن يموت؟ فقال في هذه الرواية: إنه لا يلزمه إذا لم يدر يوم أوجبه على نفسه، كم يكون يوم الموت؟ وقال في رواية أصبغ: إن ذلك يلزمه، إلا أن يقول: لمن أظن أنه يكون هذا المقدار؟ فيحلف على ذلك، ولا يلزمه ومن أهل النظر من ذهب إلى معنى رواية أصبغ أن الصدقة كانت بعد موت الأب، ولذلك ألزمه الصدقة، إلا أن يقول: لم أظن أن ميراثي منه مبلغ هذا المقدار، فيحلف على ذلك ولا يلزمه، خلاف الرواية التي قال فيها: إنه يصدق والأب باق، وقال: إن الصدقة إذا كانت والأب باق، فهي غير جائزة على ما قال في هذه الرواية.
قال: وهو الذي يأتي على مذهبه في آخر الوصايا الثاني من المدونة؛ لأن الوارث لا يملك ميراثه في مرض الموت، فيجوز عليه فيه هبته، وإنما الذي له في مرضه التحجير عليه في أن يوصي بأكثر من ثلثه، أو يوصي لبعض ورثته. فهذا الذي إذا أذن له فيه لزمه على ما قاله في المدونة، وأما أن يهبه هو لأحد فلا.
قال: وفي الموطأ ما يدل على أنه لا يجوز للوارث أن يهب ميراثه في مرض مورثه، وليس ذلك عندي بصحيح، بل الذي في الموطأ أن هبة الوارث بميراثه في مرض الموروث جائز لازم، وليس في المدونة عندي ما يخالف ذلك، ولا في هذه الرواية؛ لأن حمل بعضها على التفسير أيضا نص على خلاف ذلك لاحتمال أن يريد أن الصدقة وقعت في صحة الموروث قبل مرضه، وهذا أولى ما حملت عليه حتى تتفق الروايات؛ لأن حمل بعضها أولى من حملها على الخلاف، فقوله على هذا: إنه إذا وهب ميراثه في صحة الموروث، لم يجز عليه، وإن كان له أن يرجع عنه على معنى هذه الرواية، ولا نص خلاف في ذلك، وإنما يدخل فيه الخلاف بالمعنى، إذ لا فرق في حقيقة القياس في ذلك بين الصحة والمرض. وإذا وهب ميراثه في مرض الموروث الذي مات منه لزمه، ولم