[: كتاب الصدقات والهبات الثاني] [رجل صالح مالك لأمره تصدق على آخر مثله بميراثه من أبيه إذا مات والأب باق]
من سماع عيسى بن دينار من ابن القاسم من كتاب نقدها نقدها قال عيسى: وسئل ابن القاسم: عن رجل صالح مالك لأمره، تصدق على آخر مثله بميراثه من أبيه إذا مات، والأب باق، أيجوز له؟ فقال: لا أرى أن يجوز هذا، قال ابن القاسم: ولا أقضي به عليه، وهو أعلم؛ لأنه أمر لا يدري قدره، ولا يعلمه، لا يدري كم يكون ألف دينار؟ فلا أدري ما هو؟ وهو أعلم.
قال محمد بن رشد: قوله: لا أرى أن يجوز هذا، معناه: لا أرى أن يجوز هذا عليه، أي: لا يلزمه، إذ ليس بأمر يجب رده وفسخه لفساده، يبين ذلك قوله بعد ذلك: ولا أقضي به عليه، وهو أعلم؛ لأنه أمر لا يدري قدره، ولا كم يكون؟ فإنما قال: إن ذلك لا يلزمه، من أجل أنه لم يدر قدره ما وهب، إلا من أجل أنه وهب مالك يملك، إذ لم يهبه اليوم، فيكون قد وهب ما لم يملكه بعد، وإنما أوجب ذلك على نفسه يوم يموت أبوه، فيجب له ميراثه، كمن قال: إن ورثت فلانا واشتريته فهو حر، يلزمه ذلك، بخلاف قوله: هو اليوم حر، وقوله في هذه الرواية: إن ذلك لا يلزمه خلاف ما يأتي من قوله في رسم الأقضية والحبس من سماع أصبغ: إن ذلك يلزمه، إلا أن يقول: كنت ظننت أنه يسير، ولو علمت أنه بهذا القدر ما وهبته، ويشبه ذلك من قوله: فيحلف على ذلك، ولا يلزمه، فاتفقت الروايتان جميعا على أن