مسألة قال ابن القاسم: وكره مالك الوصية لليهود والنصارى، قال سحنون: قال ابن القاسم: وكان قبل ذلك يجيزه ولست أرى به بأسا إذا كان ذلك على وجه الصلة مثلَ أن يكون أبوه نصرانيا أو يهوديا أو أخوه أو أخته فيصلهم على وجه صلة الرحم فلا أرى به بأسا وأراه حسنا، وأما بغير هذا فلا، وفي رواية عيسى بن دينار وسئل ابن القاسم عن هذا، فقال: لا أرى به بأسا لمثل أمه وأبيه وإخوته وما أشبه ذلك القرابة، وأما الأباعد فلا يعجبني ذلك وَلْيَعْطِفْ به على أهل الإِسلام. قال محمد بن رشد: حَدُّ الكراهة ما في تركه ثواب وليس في فعله عقاب، فمعنى كراهية مالك الوصية لليهود والنصارى هو أن يؤثرهم بالوصية لقرابته منهم على المسلمين الأجنبيين، فرأى الوصية للمسلمين الأجنبيين أفضل من الوصية لقرابته الذميين.
وقولُه: وكان قبلَ ذلك يجيزه معناه من غير كراهة لما جاء في صلة الرحم من الأجر، والوجهُ في ذلك أنه لم يترجح عنده على هذا القول الأفضل من الوجهين، فأجازه من غير كراهة وهي رواية ابن وهب عنه أن الوصية للكافر جائزة، واحتج بالحُلّةِ التي كساها عمَرُ أخا له مشركا بمكة، وهو الذي ذهب إليه ابن القاسم في رواية عيسى عنه، وقوله قبل ذلك وأراه حسنا قولٌ ثالث في المسألة، وأنه رأى الأجر في الوصية لصلة رحمه وإن كانوا ذميين أكثر من الأجر في المسلمين الأجنبيين.