قال: نعم، فقيل له: والذي يريد سفرا فيستأذن ورثته فيوصي في أكثر من ثلثه فيموت أترى أن يجوز ذلك؟ قال: نعم، وأراه مثل المريض.
قال ابن القاسم: وذلك رأيي.
قال أصْبغ: وسمعت ابن وهب يقول في رجل أراد سفرا فاستأذن بعض ورثته في أن يهب له ميراثه منه ففعل ثم مات في سفره: إنّ لهم أن يرجعوا ولم يره مثلَ المريض، وقال لي: قد كنت قلتُ غيرَ هذا ثم رجعت إلى هذا.
قال أصبغ: وذلك الصواب وهو مثل الصحيح يستأذن في العول، وهذا أصح، قال أصبغ: المسافرُ يصنع في سفره ما شاء ولم يره مثل المريض، يريد في حجب ماله عنه إن أراد أن يبتل وينفذ.
قال محمد بن رشد: حَكَمَ مالك وابن القاسم في هذه الرواية لما فعله المسافر عند إرَادة الغزو أو السفر بحكم المريض فأمضيا عليهم ما أذنوا له به من الوصية بأكثر من ثلث ماله إن مات في سفره ذلك، وذلك من قول ابن القاسم خلافُ قوله في سماع عبد الملك بن الحسن من أن من حَضَرَ خروجه إلى حج أو غزو أو سفر من الأسفار فأقر بدين لزوجته أو لبعض ولده أو تصدق على ابنه الصغير بصدقة أن ذلك كلّه جائز وإن مات في سفره ذلك؛ لأنه حكمَ له فيما فعله من ذلك كله بحكم الصحة، فلم يتهمه في إقراره للوارث ولا في صدقته على ابنه مثل قول ابن وهب الذي رجع إليه في الذي أراد سفرا فاستأذن بعض ورثته في أن يهب له ميراثه ففعل يريد فقضى فيه بأن صرفه إلى بعض الورثة أو غيرهم أنّ لهم أن يرجعوا ولم يره مثل المريض، وأما لو لم يقض فيه المَوْرُوثُ بشيء لَمَا اختلف فيه حكم الصحة والمرض، ولَكان لهم أن يرجعوا في ذلك، وإن كان في المرض على ما قاله في الموطأ، وقولُ أصبغ مثل قول ابن وهب الذي رجع إليه ومثلُ قول ابن القاسم في سماع عبد الملك؛ لأنه لم يتهمه بالسفر وحكم له فيما فعله عند إرادته إياه بحكم الصحة في جميع الأشياء وبالله التوفيق.