وروايته عن مالك؛ لأن المال المتنازع فيه، لا يكون عندهما مع تكافئ البينتين للذي هو في يديه، إلا إذا جهل أصل كونه في يديه، والأول الذي أقام البينة على النتاج، قد علم أصل كون الدابة في يديه، وهو قضاء القاضي الأول له بها بما ثبت عنده من ملكه لها، وأنها منتوجة عنده قبل الإعذار إلى هذا الآخر الذي أقام أيضا البينة على النتاج، فهو حكم لم يتم بعد، فلا تراعى يده؛ لأن اليد على الحقيقة إنما هي للثاني؛ لأنه المدعى عليه لما قد باعه مما كان في يديه بوجه مجهول، فهو بمنزلة المستحقة من يديه الدابة، لو كان هو الذي أقام البينة على النتاج، فالواجب في هذه المسألة على مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك؛ إذا تكافأت البينتان في العدالة، أن تكون البينة بينة الثاني التي أقام على النتاج، وتبطل بينة الأول، وترد الدابة إلى الذي استحقت من يديه أولا، وينقض الحكم الذي حكم به القاضي الأول للمدعي الذي أقام البينة عنده على النتاج، ويرجع كل من رجع عليه بما أخذ منه على الذي أخذه منه، وقول ابن وهب في هذه المسألة، هو مثل قول غير ابن القاسم في كتاب الولاء والمواريث من المدونة في الذي يأخذ مال رجل، ويدعي أنه وارثه، ثم يأتي رجل آخر غيره، ويدعي أنه وارثه، ويقيمان جميعا البينة على دعواهما أن البينة بينة للذي المال بيده.
وقد وقع في المبسوطة لأصبغ وسحنون: أن الدابة تكون بينهما إذا تكافأت البنيتان في العدالة، يريدان فينفذ الاستحقاق في نصفها، ويكون التراجع بينهم فيه، على حكم من ابتاع دابة فاستحق من يديه نصفها، ويكون مخيرا بين أن يرد النصف الباقي في يده، ويرجع بجميع الثمن، وبين أن يمسك النصف، ويرجع على البائع منه بنصف الثمن، ثم يرجع هو على من باع منه بنصف الثمن الذي دفع إليه أيضا، وهو قول ثالث في المسألة، على غير الأصول؛ لأن المال المدعى فيه لا يكون بين المتداعيين، عند تكافئ البينتين إلا إذا كان بأيديهما جميعا، أو لم يكن بيد واحد منهما، واليد التي يجب اعتبارها في مسألتنا هذه، إنما هي يد الثاني على ما بيناه. أرأيت لو كان حاضرا عند إقامة الأول البينة عليها أنها