منتوجة عنده، فأقام هو البينة عليها أيضا أنها منتوجة عنده، أليس كانت تكون بينته أعمل؟ فلا فرق بين أن يغيب حتى يحكم له بها، وبين أن يكون حاضرا؛ لأن الحجة قد أرجئت له لمغيبه. وهذا كله بين، والحمد لله.
وإذا كانت بينة الثاني أعمل، وجب أن ترجع الدابة إلى الذي كانت استحقت من يديه، فيرد كل واحد منهم الدابة إلى الذي أخذها منه، ووضع له فيها القيمة، فيأخذ منه الثمن الذي دفع إليه، والقيمة التي وضع له، حتى ترجع الدابة إلى الذي استحقت من يديه، فيأخذ القيمة التي وضع لمستحقها، وإن تلفت القيمة الموضوعة في شيء من هذا، فمصيبتها من الذي وضعها إذا كانت على يدي عدل، وإن كانت عنده ضمنها، إلا أن تكون له بينة على ضياعها، على حكم ما يغاب عليه من الرهان، وإن تلفت الدابة في شيء من هذا بيد أحد ممن سار بها، فلربها المستحقة من يده أكثر القيم الموضوعة، ولهذا الوجه تفسير دقيق، قد فرغنا من بسطه وشرحه في مسألة مشخصة، سئلت عنها منذ مدة، فبينت وجه القول فيها بيانا شافيا، فتركت ذكر ذلك هنا اختصارا واكتفاء لما مضى من القول؛ إذ لم أقصد في هذا الشرح إلى تفريع مسائله، كراهة التطويل، وبالله التوفيق، اللهم لطفك.
من سماع أصبغ من ابن القاسم من كتاب البيوع والعيوب قال أصبغ: سألت ابن القاسم عن رجل اشترى عبدا قائما بعينه وقبضه، وعبدا آخر موصوفا معه إلى أجل، بمائة دينار، فاستحق العبد القائم، قال: ينظر في قيمة الذي نقد، والذي إلى أجل، كم كان نصيب كل واحد منهما من المائة؟ على قدر بعد الأجل وقربه، وعلى صفة ذلك إن اختلفت الصفة، ثم يقسم ذلك بينهما، ثم يرد ما أصاب الذي استحق بقدر ذلك، ويثبت البيع فيما