مسروقة، وأنه قد قضي بها له، ليرد بذلك رأس ماله من بيعه، فإذا ورد بذلك الكتاب على القاضي، أتاه ببيعه، فعرف الدابة وأقر ببيعها أعداه عليه بما كتب به إليه ذلك القاضي، ثم يزعم الذي أعدى عليه، أنه ابتاعها من رجل في كورة أخرى، ويسأل أن تدفع إليه الدابة، ويضع قيمتها على يدي عدل، ليدرك رأس ماله بها.
وكتب له القاضي الذي كتب إليه بعد وضع قيمتها، إلى قاضي البلد الذي زعم أن بائعه به، فيأتيه ببائع الدابة فيعرفها، ويقر ببيعها، ويزعم أنها منتوجة عنده، ويقيم عليها البينة أنها منتوجة عنده، فكتب ذلك القاضي إلى الذي كتب إليه، أنه لم يجد سبيلا إلى الإعداء عليه، بما قامت عنده من البينة أنها، منتوجة عنده، فيلتمس هذا أن يرجع بما غرم من قيمتها على من أخذ ذلك منه.
ويحتج ذلك بدعوى الأول، وما قامت عليه بينة، فأي الأمرين يحملها عليه؟ قال: إن كانت بينة الأول الذي أقام عند القاضي الأول على النتاج أعدل من بينة الآخر الذي أقام أيضا البينة على النتاج عند القاضي الآخر، أو كانتا في العدالة سواء، فالأول أحق بها، ترد إليه، ويعدى مشتريها والمستحقة من يديه على بائعه، وبائعه على بائعه على ذلك الأصل أبدا كما هو، وإن كانت بينة الآخر على النتاج أعدل البينتين وأبرزها في الصلاح والعدالة، فالحق حقه، ولا حق للأول وينفذ البيع بين من تبايعاهما أجمعين، ويرد إلى المستحق من يديه، ويتم البيع فيه بينهم على ما تبايعوا من واحد إلى واحد.
قال محمد بن رشد: المسئول في هذه المسألة ابن وهب، والله أعلم؛ لأنه قال في أولها: وسألته عطفا على المسألة المتقدمة له. وقول فيها: إنه إن تكافأت البينتان في العدالة، فالبينة بينة الأول، وهو أحق بها، وينفذ البيع بينهم بالأثمان، وتبطل بينة الثاني خلاف مذهب ابن القاسم