قال محمد بن رشد: وهو بدليل قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الحديث الصحيح «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون. الحديث إلى قوله: فأقضي له على نحو ما أسمع منه» لأنه قال: على نحو ما أسمع منه، ولم يقل على ما يثبت عندي من قوله. والمشهور في المذهب أنه لا يقضي عليه إذا جحد، وهو قوله في هذه الرواية، إلا أن يشهد عليه عنده من حضر مجلسه فيحكم عليه بالشهادة دون إعذار، قاله ابن العطار (وفي ذلك اختلاف) . وقوله: فإن جهل القاضي فقضى عليه بإقراره عنده فإني أرى له أن يرد ذلك ما كان على القضاء بحاله، معناه إن ظن ذلك هو الصواب لجهله بالنظر، فقضى بذلك دون اجتهاد إذ ليس من أهل الاجتهاد، ودون تقليد أيضا، إذ لا يقال فيمن قضى باجتهاده وهو من أهل الاجتهاد فيما سبيله الاجتهاد إنه جهل وإن خالفه في ذلك مخالف، وإنما يقال لمن خالفه إنه أخطأ لتقصيره في الاجتهاد، كما لا يقال أيضا فيمن لم يكن من الاجتهاد فقضى بتقليد إنه أخطأ إذ لم يكن منه الخطأ، وإنما كان من الذي قلده، واختلف إذ رأى ذلك باجتهاده فقضى به ثم رأى خلافه، فالمشهور في المذهب أن القاضي إذا قضى بقضاء، ثم رأى ما هو أحسن منه فإنه ينقضه ويرجع إلى ما رأى ما دام على ولايته وإن كان الذي قضى به أولا مما اختلف الناس فيه. وقال ابن عبد الحكم: لم أسمع أحدا من أصحابنا اختلف في ذلك، وأنا لا أراه، وأرى قضاءه وقضاء غيره سواء، لا يرجع عما اختلف فيه إلى ما هو أحسن منه حتى يكون الأول خطأ بينا صراحا. واستحسن ابن حبيب ما أجمع عليه أصحاب مالك، ولم يعجبه ما انفرد به ابن عبد الحكم، وقد اختلف في تأويل ما وقع (في)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015