المدونة من قول ابن القاسم، وإنما لا يرجع فيما قضت فيه القضاة مما اختلف الناس فيه، هل هو مثل الذي قال ابن عبد الحكم؟ أو مثل ما أجمع عليه أصحاب مالك سواه؟ فذهب الفضل إلى أنه ملائم لقول ابن عبد الحكم، وقال غيره: إنه مخالف له مثل ما أجمع عليه أصحاب مالك سواه، والأمر محتمل على رواية من روى وإنما لا يرجع - بفتح الياء - وأما على رواية من روى يرجع بضم الياء على ما لم يسم فاعله، فلا يحتمل أن يكون مثل قول ابن عبد الحكم. قال سحنون: إنما يرجع في قضائه بما اختلف فيه إذا قضى به وهما أو نسيانا وهو يرى خلافه. وأما إن كان ذلك رأيه يوم قضائه فلا يرجع فيه ويقضي في المستقبل بما رأى.

قال القاضي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: والذي أقول به إن الخلاف في رجوعه عنه ما دام على القضاء بحاله إنما هو إذا قضى به وهو يراه باجتهاده يوم قضى به، وإن الخلاف في هذا جار على اختلافهم في تصويب المجتهدين، وأما إذا قضى بذلك وهلا أو جهلا أو نسيانا فلا يقع الخلاف في أنه يجب عليه أن يرجع عنه إلى ما رأى إذ قد تبين له خطؤه أولا، وإن لم يكن من أهل الاجتهاد وقضى بذلك بتقليد فلا يسع الخلاف في أنه لا يصح له الرجوع عنه إلى تقليد آخر، فقف على أنها ثلاثة أوجه: وجه يرجع فيه، ووجه لا يرجع فيه، ووجه يختلف رجوعه فيه. ولا اختلاف في أنه يرجع ما دام على قضائه فيما قضى به مما لم يختلف فيه على أي وجه، كان من اجتهاد أو جهل، أو وهل أو نسيان، وكذلك لا اختلاف في أنه يرجع فيما قضى به من قبله من القضاة إذا كان الذي قضى به خطأ لم يختلف فيه، فإن كان الذي قضي به مما قد اختلف فيه لم يرده من بعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015