بن محمد، آخر خلفاء بني أمية، قضت الظروف السياسية في ذلك الحين أن تقف الدولة من رؤساء السبئية في مصر وغيرها، موقف العداء، فثار سخطهم، ولجأ مروان إلى القوة، فأرسل إليهم والياً قيسياً، هو حوثرة بن سهيل الباهلي، فدخل مصر في سبعة آلاف رجل من أهل حمص والجزيرة وقنسرين، وتمكن من القبض على رؤساء الثائرين وقتلهم في عام 128هـ ولما قدم مروان نفسه ديار مصر، بعد أربع سنوات من هذا التاريخ " أي في سنة 132هـ " وجد أهل الحوف الشرقي وأهل الإسكندرية، وأهل الصعيد وأسوان، قد أصبحوا من أعوان العباسيين. ويقال إن مروان قد أمر بإحراق بعض جهات الحوف الشرقي، والفسطاط عندما أحس اقتراب العباسيين من حدود مصر. ومن الجائز أن هذه الهزات العنيفة، التي أصابت الجموع السبئية - أو بعضها على الأقل - في هذه الأحداث، قد عرضتها للتفرق والتشتت في أنحاء مصر. على أننا بعد أكثر من نصف قرن من تاريخ هذه الأحداث، حين كان ولاة بني العباس يحكمون مصر، ظهرت جموع كبيرة من قبيلتي لخم وجذام، وكانت لهما الزعامة على السبئية ذلك الحين، وكانتا منافستين قويتين للقيسية في منطقة الحوف الشرقي، وانطلقت هذه الجموع من الحوف إلى منطقة الدلتا، واتجهت غرباً إلى الإسكندرية، تاركين أقرباءهم في الحوف الشرقي، حتى أصبحت لخم أقوى القبائل في الإسكندرية. وصار لجذام زعامة قوية تمثلت في شخص عبد العزيز بن الوزير الجروي " نسبة إلى بني جَرَي فرع من جذام ". ومثلت جذام ولخم دوراً رئيسياً في النزاع الذي حدث بين الأمين والمأمون في بغداد وكان صداه قويا في مصر. فقد كانوا في بادئ الأمر من أنصار المأمون، ثم تطلع عبد العزيز الجروي إلى الاستئثار بالسلطة الفعلية في مصر، فواصل هو واتباعه من الجذاميين واللخميين الحرب على منافسيهم بضعة عشر عاما، وتمكن عبد العزيز أن ينتزع من خلافة بغداد، ومن السلطة المحلية في مصر التابعة لهذه الخلافة، مناطق معينة، بسط عليه سلطانه في الفترة التي بين سنتي 199، 210هـ، فسيطر على الإسكندرية وشرقي الدلتا والصعيد. وهذا يعني أن جذاما ولخما كانت لهم عصبيات في هذه