وكهلان بن سبأ هو شقيق حمير، فالصلة بينهما وثيقة، غير أن أبناء حمير كما يفهم من أقواله النسابين كانوا أكثر تحضراً من أبناء كهلان. وتمثل هجرة الكهلانيين ألى الشمال موجة ثانية من موجات هجرة أعقاب سبأ. ولعلها حدثت في فترات بين القرنين الثاني والثالث من ميلاد المسيح. وكان من أسبابها: تقلُّص ملك حمير في الجنوب، وما أصاب أرضهم على أثر خراب سد مأرب، وتحول مركز الجاذبية السياسية في بلاد العرب من الجنوب إلى الشمال حيث ازدهرت دول عربية على أطراف شبه الجزيرة العربية الشمالية في الشرق والغرب. وقد استطاعت مجموعة متحالفة من الأزد، وهم فرع من كهلان، أن يغلبوا القضاعيين على أمرهم، وأن يسيطروا على هذه المنطقة، هذه المجموعة المتحالفة هي التي سميت غسان لأنها فيما يقال نزلت على أثر نزوحهم من اليمن، في تهامة، ونزلوا بماء يقال له غسان وتحالفوا حوله، فسموا باسمه. فلما غلبوا القضاعيين، وصاروا عمالا للروم، كانوا أقوى القبائل في هذا الجزء، عند ظهور الإسلام. أما الفرع الثاني من قبائل كهلان بن سبأ، فقد اشتهر منهم في تأريخ الهجرات: طيء وفروعها، وبنو مرة وفروعهم ولاسيما لخم وجذام وعاملة وقد سكنت هذه القبائل شمالي الحجاز أولا، ونزلوا في جوار بني أسد، وانتزعوا منهم جبلي أجا وسلمىوهما المعروفان الآن بجبل شمّر، وتداخلوا في أرض الغسانيين. أما عن الكهلانيين وصلتهم بمصر في الجاهلية، فيروى أن بعض بطون خزاعة، وهم فرع من الأزد، خرجوا في الجاهلية إلى مصر والشام لأن بلادهم أجدبت وفي عهد عمر بن الخطاب، بعد أن تم فتح الشام، وقبل أن يفتح العرب مصر، تفرق عرب غسان وجذام وعاملة، وكانوا قد اعتنقوا النصرانية، فنزل فريق منهم أرض الجفار في شمالي سيناء، وهي المنطقة الرملية بين مصر وفلسطين، وأقطعهم حاكم مصر الروماني ولاية تنيس " صان الحجر " وكانوا برئاسة رجل من بني عامر بن صعصعة يقال له أبو ثور من العرب المتنصرة، فلما فتحت دمياط سار إليها المسلمون فبرز إليهم نحو عشرين ألفاً من العرب المتنصرة والقبط والروم فكانت بينهم حروب آلت إلى وقوع أبي ثور في أيدي المسلمين وانهزام أصحابه.