خاتمة: العرب في العصور الحديثة في إقليم مصر
لا نريد أن ننتهي عند المرحلة السابقة دون أن نعرض عرضاً سريعاً، في هذه الكلمة الختامية، للعرب في العصور الحديثة في مصر؛ وليس في مقدور الباحث أن يفي هذا الموضوع حقه في عجالة كهذه، فهو في حاجة إلى مؤلف بل مؤلفات مفردة. وحسبنا أن نقف فيه على بعض النقاط الأساسية. ففي هذه العصور، نزحت هجرات عربية جديدة إلى مصر وفي أثناء هذه العصور قضت مصر فترة طويلة كانت تعاني فيها حلقات أخرى من سلسلة الحكم التركي، فلم يقف هذا الحكم عند نهاية المرحلة السابقة في مصر، بل استمر على يد العثمانين الذين استولوا على مصر في سنة 923هـ " 1517م "، ولم يكن حكم العثمانين، في حقيقة الأمر، إلا امتداداً لحكم المماليك السابقين، فقد أبقوا على أنظمة الحكم في البلاد المفتوحة بعد أن أجروا عليها تعديلاً طفيفاً يكفل بقاء السيادة التركية العثمانية عليها. بل إن بكوات المماليك ظلوا في مناصبهم يحكمون الأقاليم، كما كانوا في العصور السابقة. وقد استطاع أحد رؤساء هؤلاء البكوات، وهو على بك الكبير، في القرن الثامن عشر، أن يقبض على زمام الحكم في مصر، وله مع عرب الحبايبة والهنادي، في الوجه البحري، والهوارة، في الوجه القبلي، معارك عنيفة دامية ذكرها الجبرتي في تأريخه. ثم استولى محمد على مصر، فبدأت حلقة جديدة من الحكم التركي، وتناوبت سلالته الحكم في ظل الاستعمار الأوربي، إلى أن قامت الثورة العربية الكبرى في 23يوليو عام 1952 فردت للعرب حقهم المسلوب، وأعادت إليهم حرية طالما تطلعوا إليها عصوراً طويلة.