واتجهوا إلى وسط السودان وغربيه. ويقول الدكتور محمد عوض: ويكاد أن يكون من المؤكد أن الكواهلة - أو معظمهم - قد دخلوا السودان من الشرق، ووصلوا إليه من الجزيرة العربية مباشرة. وبدأوا حياتهم فيه باحتلال الإقليم الساحلي أو جزء عظيم منه من سواكن إلى عيذاب، حيث اختلطوا بالبجة وتعلموا لسانهم وصاهروهم، وربما كان لهم الأثر الأكبر في نشر الإسلام والثقافة العربية فيهم. ولكن ليس من اليسير أن نؤكد هجرتهم من الشرق مباشرة على نحو ما ورد في هذا النص. فمن الجائز أن يكونوا قد شقوا طريق الصحراء الشرقية من الشمال. ولا سيما إذا رجحنا أن الكواهلة هم بقايا ربيعة الذين هاجروا إلى مصر، وكان منهم من سكنوا الحوف الشرقي، والوجه البحري، ومنهم من سكنوا أرض المعدن في صعيد مصر وبلاد البجة فأذا صح هذا فأن أجداد الكواهلة سكنوا أرض المعدن منذ القرن التاسع الميلادي، واختلطوا بالحداربة وغيرهم من أعقاب سبأ ومضر، وفي زمن الرحالة ابن بطوطة في الفترة بين سنتي 1330، 1340م كان البجة قد أقاموا على جزيرة سواكن السلطان الشريف زيد بن أبي نمي، وهم أخواله، وكان عساكره من البجة وأولاد كاهل وعرب جهينة ومن المعروف أن البجة قد جروا على نظام الانتساب إلى الأم وتوريث الملك من طريق الأم. ومن أرض المعدن وبلاد البجة شرقاً اتجه الكواهلة في زمن متأخر نسبياً إلى جهات عطبرة وخور القاش وسنار، حيث تمثلوا بأكبر قسم منهم، وواصلت فروع منه الهجرة، فبلغت النيل الأبيض ثم كردوفان وبيوضة وغيرها. وهناك جماعة صغيرة منهم تعيش في الجزء الشمالي من جبال النوبا، أي في أقصى الجنوب من كردوفان، وكان الدافع إلى ذلك تأسيس مملكة تقلى الإسلامية التي هيأت فرصة جديدة لهجرة القبائل العربية وصفوة القول أن النواة الأولى التي التفت حولها المجموعات العربية نجدها اليوم في السودان، كانت تتألف من هجرات متعاقبة، وفد معظمها من طريق وادي النيل، وهي بقايا الأحلاف العربية التي كانت بقيادة جذام وجهينة والعركيين والهلاليين والهوارة والقرشيين وربيعة.