وقد انحط صاحب هذه الرسالة إلى درجة من الجهل والغباوة خرج بها عن دائرة الإنسان، فضلاً عن العقلاء، فضلاً عن العلماء، كما أنه قد صار إلى درجة من التقصير في علم الكتاب والسنة لحق فيها أسلافه، فأثمرت لهم الابتداع في الدين إذ اعتقدوا الباطل حقاً فدعوا إليه، واعتقدوا الحق باطلاً، فعادوا من كان عليه فضلوا وأضلوا كثيراً عن سواء السبيل، فقد تسكعوا في الضلالة، وتطابقوا على الجهالة وقالوا: إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون، وقد تمادى صاحب هذه الرسالة في القحة تيهاً منه وإعجاباً، وتنكب عن طريق الحق فلم يتحر صواباً، وقد سمعت أن لهذا الغبي أتباعاً بلغو قوله يزمجرون، وبرسالته الساقطة المفككة لفظاً ومعنى يتطاولون. ولم يعلموا أن من قلدهم في تلك الضلالات قوم لا يفقهون، قد أثخنهم حماة الإسلام فيها لطماً ووخزاً وقد ولوا مدبرين، فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً؟ فلم يسعني إلى إلجام أولئك الطغام أتباع كل ناعق، مستعيناً بمن يقذف بالحق على الباطل فيدغمه فإذا هو زاهق وسميت هذا الرد "البيان والإشهار، لكشف زيغ الملحد الحج مختار"، مستمداً من الله تعالى التوفيق لسلوك صراطه المستقيم عائذاً بجلاله تعالى عن اتباع الهوى وهمزات الشياطين، فإن هذا الملحد قد أطلق لسانه وقلمه بالفجور وقول الزور وتكفير المسلمين الموحدين بغير برهان مما نعتذر عنه في ردنا هذا من شطحات القلم لرد ظلمه. قال تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى، الآية: 40] إلا أني لا أقابل الباطل بمثله، بل أقدم الحق الذي يقتضيه العدل والإنصاف مؤثراً أن أكون طالباً لا مطلوباً والله تعالى حسبي ونعم الوكيل.
ولما كان هذا الملحد قد حشا رسالته بما لا فائدة فيه، وليس هو من موضوعنا الذي قصدنا الرد عليه لخروجه عن محل الاعتراض، وإنما يدل على خبط هذا الملحد وتخليطه، فلا نطيل بتتبع هفواته.
فنقول وبالله نستعين.