قال الملحد صاحب الرسالة:
" الحمد الذي رضي الإسلام لنا ديناً، وأكمله لنا وأتم نعمته علينا وأقامنا على سنة رسوله النقية السمحاء، حمداً تستنير به القلوب وتستضيء منه البصائر، وأشهد أن لا إله إلا الله، الهادي إلى الصراط المستقيم، القائل من استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، والله سميع عليم".
أقول: أوردت صدر خطبة هذا الملحد إظهاراً لجهلة، وبياناً لمخالفته ما يدعيه من الاستقامة على السنة، وتنبيهاً على تحريفه لكلام الله تعالى عن مواضعه ليعلم المعجبون برسالته وبأمثاله من المخرفين ما هو عليه من الجهل وعدم الأمانة إن كانوا ممن يعقلون، وما أحسن ما قيل:
ويخبرني عن غائب المرء فعله ... كفى الفعل عما غيب المرء مخبرا
لقد استفتح هذا الملحد رسالته هذه بالكذب، إذ ادعى لنفسه زوراً ويهتاناً أنه ممن أقامهم الله تعالى على سنة رسوله صلى الله عليه وسلم النقية السمحة، مع ما أضاف إلى هذه الدعوى الكاذبة من تحريق آيات الكتاب العزيز. فنحن نورد من كلامه في رسالته هذه التي نحن بصدد الرد عليها ما ينقض دعواه، ويثبت أنه من أعداء سنة رسوله الله صلى الله عليه وسلم فقد قال في صحيفة (48) وما بعدها: "إن أحكام الدين لا يمكن أخذها من نصوص الكتاب والسنة لأن فيهما الناسخ والمنسوخ، والخاص والعام، والمطلق والمقيد – إلى آخر ما ذكره – قال: وإن كتب الحديث لا يوجد فيها بيان ولا إشارة تهدي إلى الصواب" وزعم " أن من رجح حكماً على حكم مستنداً فيه إلى كتب الحديث، فإن ذلك ظن لا يفيد اليقين، بل يعد الأخذ به زندقة لا إسلامية" قال: "ومتى أجمعت الأمة على التعبد والتعامل بصحيح البخاري أو غيره؟ وأي عالم أو فقيه أفتى في حكم عن البخاري أو غيره؟ " يعني من كتب الحديث – إلى آخر ما قاله في حق أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما قاله أيضاً في جملتها: الذين كابدوا الأسفار، وواصلوا الليل بالنهار في جمعها وتنقيحها، مما سنذكره في محله من ردنا هذا إن شاء الله تعالى. وهذا قليل من