أحدهما: أن الإجماع قد حصل بعد الاختلاف على رد شهادة العبيد، فيرتفع الاختلاف ويصير إجماعا.
والثاني: أن من قال بقبول شهادة العبيد يخالف القياس الجلي؛ لأنه لا يجوز أن يكون الرق مانعا عن الميراث والولاية والرجم ولا يكون مانعا من قبول الشهادة، وكل حكم خالف القياس الجلي.. فإنه ينقض.
فأما إذا حكم الحاكم بشهادة رجلين ظاهرهما العدالة ثم شهد شاهدان أنهما فاسقان:
فإن شهدا بفسق مطلق غير مضاف إلى حال الشهادة، أو شهدا بفسق حادث بعد الحكم والاستيفاء.. لم ينقض الحكم بشهادتهما.
وإن شهدا بفسقهما حال شهادتهما بالحق الذي شهد به.. فقد قال الشافعي في موضع: (ينقض الحكم بشهادتهما) . وقال في موضع: (إن الحاكم ينظر المشهود عليه بجرح الشهود ثلاثا فإن أتى بالجرح بعده.. لم يقبله) وهذا يدل على أنه إذا أقام البينة بفسقهم بعد الحكم.. لا يقبله، واختلف أصحابنا فيها على طريقين:
فـ[الطريق الأول] : قال أبو العباس: فيها قولان:
أحدهما: لا ينقض الحكم بشهادتهما - وبه قال أبو حنيفة - لأن عدالتهما عرفت من طريق الاجتهاد، وعدالة الشاهدين اللذين شهدا بفسقهما علمت من طريق الاجتهاد، فلا ينقض الاجتهاد بالاجتهاد.
والثاني: ينقض الحكم بشهادتهما، وهو الأصح؛ لأنه لو بان رقهما.. لنقض الحكم بشهادتهما، ولا نص في رد شهادة العبد ولا إجماع، فلأن ينقض الحكم بشهادتهما إذا بانا فاسقين وقد ثبت النص برد شهادة الفاسق والإجماع أولى.
فأما النص: فقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] [الطلاق: 2] .