وقَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] [الحجرات: 6] . فأمر بالتبين في نبأ الفاسق وهو خبره، والشهادة خبر فوجب ردها.
وأما الإجماع: فإن أحدا من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل العلم لم يجز شهادة الفاسق.
و [الطريق الثاني] : قال أبو إسحاق: ينقض الحكم بشهادتهما قولا واحدا؛ لما ذكرناه. وحيث قال: (إذا أتى المشهود عليه بالجرح.. لم يقبل) أراد: إذا كان الفسق حادثا، أو كانت الشهادة بفسقهما مطلقة غير مضافة إلى حال الشهادة.
إذا ثبت هذا، وقلنا: ينقض الحكم بشهادة الفاسق، أو بانا عبدين أو كافرين.. فلا يخلو المحكوم به: إما أن يكون إتلافا أو مالا.
فإن كان إتلافا، مثل الشهادة بما يوجب القتل فقتل، أو بما يوجب القطع فقطع.. فلا يجب الضمان على الشاهدين؛ لأنهما مقيمان على أنهما صادقان في الشهادة، وإنما الشرع منع من قبول شهادتهما. ويخالف إذا رجعا عن الشهادة؛ لأنهما اعترفا بالكذب، ولا يجب على المشهود له ضمان؛ لأنه يقول: استوفيت حقي، ويجب الضمان على الحاكم؛ لأنه حكم بذلك بشهادة من لا يجوز الحكم بشهادته.
وقال أبو سعيد الإصطخري: هذا إذا كان الحاكم تولى الاستيفاء بنفسه، أو أمر من تولى ذلك، فأما إذا كان الولي استوفاه بأمر الحاكم.. فالضمان على الولي.
والمذهب الأول؛ لأن الحاكم سلطة على ذلك وأجازه له.
وقال أبو حنيفة: (يجب الضمان على المزكيين) .
دليلنا: أن المزكيين يقولان: ما ثبت بشهادتنا شيء وإنما شهدنا بصفة، والحكم إنما وقع بشهادة الشاهدين، فلا يلزمنا الضمان، وإنما وجب على الحاكم الضمان؛ لأنه مفرط حيث حكم بشهادة من لا يعرف عدالته ظاهرا وباطنا.