الا ترى انما الدنيا وزينتها
كمنزل الركب حلوا ثمت ارتحلوا
حتوفها رصد وعيشها نكد
وصفوها كدر وملكها دول
تظل تفزع بالروعات ساكنها
فما يسوغ له عيش ولا جذل
كأنه للمنايا والردى غرض
تظل فيه سهام الدهر تنتضل
والنفس هاربة والموت يتبعها
وكل عثرة رجل عندها جلل
والمرء يسعى بما يسعى لوارثه
والقبر وارث ما يسعى له الرجل
ولقد مثل ابن القيم الدنيا:" بالبحر الذي لا بد للخلق كلهم من ركوبه ليقطعوه الى الساحل الذي فيه دورهم واوطانهم ومستقرهم ولا يمكن قطعه الا في سفينة النجاة فأرسل الله رسله لتعرف الأمم اتخاذ سفن النجاة وتأمرهم بعملها وركوبها وهي طاعته وطاعة رسله وعبادته وحده واخلاص العمل والتشمير للاخرة وارادتها والسعي لها سعيها فنهض الموفقون وركبوا السفينة ورغبوا عن خوض البحر لما علموا انه لا يقطع خوضا ولا سباحة واما الحمقى فاستصعبوا عمل السفينة وآلاتها والركوب فيها وقالوا نخوض البحر فاذا عجزنا قطعناه سباحة وهم اكثر اهل الدنيا فخاضوه فلما عجزوا عن الخوض اخذوا في السباحة حتى ادركهم الغرق ونجا اصحاب السفينة كما نجوا مع نوح عليه السلام وغرق اهل الارض وهكذا يغوي الشيطان من ضل ويغريهم بالسباحة وسط امواج الفتن والشهوات حتى يغرقون في نار جهنم ...
ويصادف الداعية في طريقه اخبث الامراض على الاطلاق وهو الرياء او كما سماه ابن القيم الشرك في العبادة ولا دواء لهذا المرض الخبيث الا الاخلاص لله.