ثم أمر لابن الشمر ببدرة فيها خمسمائة دينار؛ فخرج مع الوصيف يحملها له تحت إبطه. فلما تواريا عن الأمير، قال له الوصيف: (أين لذات العمر، يا ابن الشمر؟) فقال: (تحت إبطك يا سيدي!) ودخل عليه الغزال الشاعر يوما؛ فقال الأمير (كامل) : جاء الغزال بحسنة وجماله فقال له الوزير: أجز. ما بدأ به الأمير! فقال الغزال (كامل) :

قالَ الأميرُ مُدَاعِباً بِمَقَالهِ ... جاء الغَزَالُ بحُسنِهِ وَجَمَاله

أين الجَمَالُ من أمري أربي على ... مُتَعَدِّدِ السَّبعِينَ من أحوالهِ

وهَلْ الجَمالُ لهُ؟ الجمالُ مِنْ امرِئ ... ألقاهُ رَيبُ الدَّهرِ في أغلالِهِ

وأعَادهُ من بَعْدِ جِدَّتِهِ بِلَى ... وأحالَ رَوْنَقَ وَجهِهِ عَن حالِهِ

وهي طويلة.

ومن قول الإمام عبد الرحمن - رحمه الله! - يصف حال المعزول، فأبدع (طويل) :

أرى المَرءَ بَعدَ العزلِ يَرجِعُ عَقلُهُ ... وقد كان في سُلطَانِهِ لَبسَ بَعقِلُ

فتلفيهِ جَهْمَ الوَجهِ ما كانَ وَالياً ... وَيَسهُلُ عَنه ذَاكَ ساعَةَ يُعزَلُ

وكتب إليه بعض عمناله يسأله عملا رفيعا ليس من شاكلته؛ فوقع له في أسفل كتابه: (من لم يصب وجه مطلبه، كان الحرمان أولى به!) ومثل هذا كثير مما يدل على فضله.

خلافة محمد بن عبد الرحمن بن الحكم بن هشام

كنيته: أبو عبد الله. أمه: بهير. مولده: في شهر ذي القعدة سنة 207. وزراؤه وقواده: اثنا عشر. حجابه: اثنان، ابن شهيد وابن أبي عبدة. كتابه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015