الاستظهار للحاشيتين معا. فنقصنا من العشرة سدسها وزدنا على الستة سدسها وجبرنا الحاشيتين ليحصل لنا أشرف نسب الأعداد وما يليق شكله بالحيوان وقسمة العمران وهو الثمانية [59 ب] من الأعداد فإنه نصف قطر المتقبلين بأمر الفروض.
فاجتمع لنا في كل منزل ثمانية نفر رجالا ونساء صغارا وكبارا. فاجتمع لنا من عدد الجماعة ستة وتسعون ألف ألف إنسان.
وقد قال الناس في أحوال البصرة وتفخيم شأنها أقاويل مختلفة يشبه بعضها بعضا. ففريق زعم أنها أعظم في مقدارها وأوضع في أقدارها من مدينة السلام.
وقال آخرون: بل هي في قدرها سواء. وقالوا: بل هي دونها وأصغر حدّا من حدها. ولم نرد في اقتصاص أقاويلهم هذه في البصرة تمثيلا أو تجميلا بين بغداد وبلد في العالم جميعا من البلدان سواها، ولا شيئا بذلك أكثر من تفخيم أمر البصرة وانها من الأمهات العظام ومن المدائن الجليلة من بلدان الإسلام.
ثم وجدنا حالا من الزمان قد ألجأ أهل البصرة جميعا كما ألجأ أهل الأبلة وسائر كور الأهواز وجميع العمران من كور دجلة ودستميسان وكسكر وآجام البريد وما بين هذه المدائن العظام وبين واسط العراق من الأنهار المشحونة بالحيوان الناطق برّا وبحرا. ثم كان بواسط من أهلها وسوادها وكور الصلح وكور المبارك ومأهولها. وفي حيّزها من القرى والبقاع المشحونة بالناس إلى مدائن النهروانات الثلاث، وما هو لكور النهروانات وبإزائها من الضياع وسقي جوخا، إلى حدود بادريا وباكسايا وحدود البندنيجين وسوادات طريق خراسان إلى بطن المدائن. ثم من كان في الجانب الغربي كمدائن الزوابي وسقي نيل الفرات وفم النيل إلى سوادات الكوفة وباروسما ونهر الملك، وما لابس الصراة إلى حدود جنبلاء إلى كثير مما لم نذكره ونحصيه، ولا نعلمه فنستوفيه. فيما بين كل بلد وقراه، وكل قرية ونظائرها ممن لا يحصي عددهم ولا يعلم كنه مددهم إلّا خالقهم، مستجيرين بمدينة السلام. فلم يلبثوا فيها ولا أغلوا منها سعرا. فإذا وجدنا هذا الحيوان الناطق [60 أ] الذين هم الناس، قد شغلوا من مساكنهم وأوطانهم مكانا من الأرض عريضا، وملأوا منها فناء فسيحا، قد ورد بهم المقدار وساقتهم الأقدار