ومن حمقهم أن مصعب بن الزبير لما أراد المسير إلى المختار بعث إلى الأحنف بن قيس بمائة ألف درهم وقال سر معي. فأمر الأحنف بفسطاطه فضرب في العسكر. فبلغ ذلك زبرا جارية الأحنف وكانت صاحبة أمره فقالت: ما أرسل إليّ مصعب شيئا؟ قيل: لا. فجاءت حتى دخلت على الأحنف وبكت ثم قالت:

أبعد قتالك المشركين ومواقفك المحمودة في بلد العدو، تخرج إلى المسلمين ومن يطلب بثأر أولاد النبي عليهم السلام تقاتلهم؟ قال: صدقت زبرا. قوّضوا «1» فسطاطي. ففعلوا. فبلغ ذلك مصعبا فقال: ما الذي دهاه؟ [13 ب] فخبروه بقصة زبرا. فبعث إليها ثلاثين ألف درهم. فجلست بين يدي الأحنف ثم قالت: أمر قد اجتمعت إليه العرب والأشراف، ويوم من أيامهم المذكورة، له ما بعده، تغيب عنه فيخمل ذكرك ويدرس اسمك؟ قال: صدقت زبرا. أعيدوا فسطاطي، فأعيد.

ومن حمق الأحنف أنه جرى بينه وبين الحتات كلام فقال له: إنك لضئيل، وإن أمّك لورهاء، وإن خالك للئيم. فقال له الأحنف: إنك لجلف جاف، وما فيك من شيء إلّا أنك ابن دارم. اسكت يا دبرة. فطرح الحتات ثيابه بين الناس وقال: هل ترون شيئا؟ فبلغ من حمق الأحنف أنه كذب كذبا كذب به قبل أن يبرح.

ومن حمقه: أنّ الحسن بن علي رضي الله عنهما كتب إليه يستنصره فقال: قد بلونا حسنا وأبا حسن فلم نجد عندهما ابالة للملك ولا سببا للحرب ولا خيانة للمال الأمر هاهنا- وأشار بيده إلى الشام- فخذّل الناس عن الحسن رضي الله عنه.

ثم شخص مع من شخص أمثال الحسين رضي الله عنه فقامت ركابه فكان ذلك سبب تخلفه.

ومن حمقه: انه حين نزل به الموت قيل له ما تشتهي؟ فلم يقل رحمة الله.

وقال: شربة من ماء الغرير. وهو ماء رديء لبني سعد. فترك ما ينفعه وتمنى ما لا يرجع إليه منه نفع في دنيا ولا آخرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015