ومنهم أول من عرف بالتطفيل وهو الجارود بن سبرة الهذلي. كان يجيء إلى موائد الأمراء والأشراف من غير أن يدعوه. وكذلك كان إمام مسجدهم سعيد بن أسعد الأنصاري إذا كانت وليمة سبق إليها.
ومنهم أول من أعلن الفاحشة وأقرّ على نفسه بالأبنة والفضيحة جحشويه «1» .
وهم المقدمون على الناس بالحمق، المعروفون بالنوك. منهم هبنقة القيسي وهو الذي يضرب به المثل حتى قيل (أحمق من هبنقة) . وكتب عمر إلى عتبة بن غزوان: أما بعد، فاحذر أهل بلدك فإن أكثر أهله تميم وهم بخل. وبكر بن وائل وهم كذب. وإن في الأزد لموقا. فهذا قول عمر فيهم خاصة. ولو كان عرف ذلك في أهل الكوفة لكتب إلى سعد [13 أ] بن أبي وقاص.
ومن حمقهم أن أبا خيرة القشيري كان مملقا فخدعه الفرزدق وأمره أن يبيع ابنته من المهلب على أنها وصيفة له: فهيّأها ثم ذهب بها إليه وعرضها عليه، فوقعت بقلبه واستام عليه بها مائة ألف فأخذها منه بما قال. فقال الفرزدق للمهلب: إن أبا خيرة إنما باعك ابنته. قال: كذبت. فأرسل إليه فسأله، فقال نعم، لم أطمع أن أزوّجك فبعتك بيعا حلالا. فوقف على جهله فقال: قد جعلت المائة ألف مهرها. فولدت له محمدا وأبا عيينة.
ومن حمقهم ما ذكره الشرقي بن القطامي قال: كان رجل من أهل البصرة جالسا مع امرأته فدعا الحجام ليحجمه، فلما وضع المحاجم على عنقه شرطه وهو غافل، فضرط. فضحكت امرأته. فأخذ السيف وضرب الحجام فقتله. فصاحت امرأته واجتمع الناس فأخذ وأتي به عبيد الله بن زياد وهو على البصرة. فقال: لم قتلت هذا؟ قال: لأنه يشرط ولا يحذر.
ومن حمقهم أن شيخين من الأزد تنازعا في شيء، فقال أحدهما لصاحبه:
والله لو كان غيرك. قال: فأنا غيري. قال: أنت غيرك. قال نعم. فرفع يده ولطم عينه.