من ذلك أيضًا: النصح والإرشاد، كقول زهير:
ومن يك ذا فضل فيبخل بفضله ... على قومه يستغن عنه ويذمم
وكقول الآخر ناصحًا بالابتعاد عن الهموم ومحذرًا من آثارها الضارة:
والهم يخترم الجسيم نحافة ... ويشيب ناصية الصبي ويهرم
من ذلك أيضًا: البشارة بالثواب لأهل الخير، كما في قوله تعالى: {وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} (آل عمران: 115). ومنه كذلك: التعجب، كما في قوله: {قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} (الأعراف: 138) فهذا تعجب منهم. ومن قولهم: {يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} (الأعراف: 138) وذلك بعد أن رأوا من الآية العظمى والمعجزة الكبرى، وقد استفيد التعجب من المقام؛ لأن من شاهد مثل تلك الآيات العظام إذا صدر عنه مثل هذا الكلام دل ذلك على قصور فهمه وعقله وسوء تقديره وفساد تدبيره. وأسرار الخبر وأغراضه كثيرة ومتنوعة، ومن يستعرض الأساليب الرفيعة في القرآن والسنة وفي الأدب العربي شعرًا ونثرًا؛ فسوف يقف على كثير من هذه الأغراض، وهي لا تجري على قاعدة ثابتة، وإنما تفهم من سياق الكلام، وقرائن الأحوال، لكن هنا سؤال يفرض نفسه: ما وجه دلالة الخبر على أغراضه؟ يرى بعض البلاغيين أن الخبر يدل على الغرض الأول، وهو فائدة الخبر دلالة حقيقية؛ لأن الفائدة تفهم من ذات الخبر بلا وسائط.