وَأَنْفُسِهِمْ} (النساء: 95) وذلك تذكيرًا بما بينهما من التفاوت العظيم؛ ليتأنف القاعد بلا عذر، ويرتفع بنفسه عن انحطاط منزلته، فينضم إلى صفوف المجاهدين، ويحظى بشرف الجهاد وعظيم الثواب. وكقولك أنت: لا يستوي العالم والجاهل؛ لأن فيه تحريكًا لحمية الجاهل وحثًّا له على تحصيل العلم ليلحق بركب العلماء، ويحظى بشرف الانتساب إليهم، والارتقاء إلى منزلتهم، ولا غرو فهم ورثة الأنبياء. من هذه الأغراض أيضًا التبعية: إظهار الفرح والسرور، وذلك كقولك لمن يعلم بنجاحك هذا العام: نجحت في الامتحان والحمد لله. ومنه كذلك: المدح، كقول النابغة الذبياني يمدح النعمان بن المنذر:
فإنك شمس والملوك كواكب ... إذا طلعت لم يبد منهن كوكب
ومن ذلك أيضًا: الذم، كقول جرير يهجو الفرزدق:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا ... أبشر بطول سلامة يا مربع
من ذلك أيضًا: التوبيخ والتقريع، كما في قول الله تعالى: {قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ} (الأعراف: 123) يقول الزمخشري: "آمنتم به على الإخبار؛ أي فعلتم هذا الفعل الشنيع توبيخًا لهم وتقريعًا، وإنما أفاد الخبر التقريع والتوبيخ؛ لأنه حين أخبر به من هو عالم بفائدته تولد منه بحسب القرائن والأحوال ما ناسب المقام، والمناسب للمقام هنا هو التوبيخ والتقريع".