بقواعد هذا العلم. فالمفسر الذي يتعرض لتفسير آية من آيات الذكر الحكيم لا بد له من الإلمام بقواعد البلاغة، والفقيه المستنبط للأحكام لا بد له من معرفة قواعد البلاغة، والمتعرض لقصص الأنبياء الواردة في القرآن الكريم وما يتعرض لأخبار الأمم وسيرهم، لا بد لكل هؤلاء من معرفة قواعد البلاغة وأصولها.

الفائدة الثالثة: التدرب على التكلم بالبليغ من القول، فإذا أراد صاحب اللسان العربي أن ينشئ أدبًا، شعرًا كان أو نثرًا، لا يتسنى له ذلك إلا إذا ألمّ بقواعد هذا العلم، وجعله مصباحًا يهدي خطاه ويسدد قلمه بما يعرفه من تركيب الأساليب الرفيعة، وأسباب رفعتها وجمالها، أما إذا فاته هذا العلم المفرق بين كلام جيد وآخر قبيح، وبين شعر بارد وآخر رصين كان ذلك سببًا لأن يمزج الصفو بالكدر من الأساليب، ويخلط بين الرفيع والوضيع، وقد قالوا: شعر الرجل قطعة في عقله. الفائدة الرابعة: أن علوم البلاغة تعد من أمضى أسلحة الناقد الأدبي، فهي بلا شك تصقل الذوق، وتنمي في صاحبها القدرة على التفرقة بين الكلام الجيد والكلام الرديء، فهي تساعد على إدراك الجمال وتذوق الحسن في ألوان الكلام، فالناقد الأدبي وهو يتعرض لنتاج أدبي لا يستطيع الحكم على هذا النتاج إلا بمعرفة قواعد علم البلاغة، حتى يمكن إبراز ما تضمنه هذا العمل الأدبي من أسباب الجودة أو الرداءة.

أما الفائدة الخامسة لتعلم البلاغة: فهي القدرة على حسن الاختيار، فإذا أراد مؤلف أن يضع كتابًا، فإن معرفته بقواعد البلاغة تعينه على أن يختار فيه من جيد المنظوم والمنثور ما يثري به مادته العلمية، ويجعله شاهدًا على ما يسوقه من معان وأفكار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015