في غير القرآن: خافضة ورافعة لم يفد ذلك، وكذا قولنا: فلان كاتب شاعر، يخالف: فلانٌ شاعر وكاتب؛ فالأول أفاد اجتماع الكتابة والشعر، والثاني أفاد كمال اتصافه بكل صفة على حدة، وهكذا.
وننتقل بعد الحديث عن المفردات للحديث عن باب الوصل والفصل بين الجمل:
قد ذكرنا وعرفنا فيما سبق أن الجمل نوعان: جمل لها محل من الإعراب، وجمل لا محل لها من الإعراب، كما عرفنا أن الجمل التي لها محل من الإعراب حكمها حكم المفرد؛ لأنها تقع موقعه وتأخذ حكمه الإعرابي، فالعطف عليها يكون بمثابة العطف على المفرد، وهذه حقائق يؤكدها الإمام عبد القاهر، فيقول: "الجمل المعطوف بعضها على بعض على ضربين؛ أحدهما: أن يكون للمعطوف عليها موضعٌ من الإعراب، وإذا كانت كذلك كان حكمها حكم المفرد؛ إذ لا يكون للجملة موضع من الإعراب حتى تكون واقعةً موقع المفرد، وإذا كانت الجملة الأولى واقعة موقع المفرد كان عطف الثانية عليها جاريًا مجرى عطف المفرد، وكان وجه الحاجة إلى الواو ظاهرًا والإشراك بها في الحكم موجودًا"، انتهى من (دلائل الإعجاز).
وهذا لا يعني أن الجمل التي لها محل من الإعراب لا تخضع لما تخضع له الجمل الأخرى التي ليس لها محل من الإعراب، بل هي خاضعة لما تخضع له، وما يجري على هذه من أحكام الفصل والوصل يجري على تلك، بالإضافة إلى أن الجمل التي لها محل من الإعراب تختص بخضوعها لهذا الحكم الظاهر، وهو وقوعها موقع المفرد، فإذا أردنا إشراك الجملة الثانية للأولى في حكمها الإعرابي عطفنا بالواو مع مراعاة المناسبة أو الجهة الجامعة التي تسوغ العطف، وإذا لم نرد