فأنت تشعر بالثقل الناشئ من توالي الكلمات على نسق معين في الشطر الثاني، وإن كانت كل كلمة على انفرادها فصيحة خالية من الثقل. هذا والفيصل في الحكم على الكلام بالتنافر وعدمه هو الذوق السليم. ثاني العيوب المخلة بفصاحة الكلام: ضعف التأليف، وهو أن يكون تأليف الكلام جاريًا على خلاف المشهور من قواعد النحو العربي عند جمهور النحاة، فإذا ورد الكلام مخالفًا لقاعدة نحوية مشهورة لدى الجمهور، فهو خارج عن الفصاحة، وإن كان صحيحًا عند بعض النحويين، أما مخالفة الكلام للمجمع عليه من القواعد فخطأ لا ضعف تأليف، وهذا الخطأ في التأليف يبعد الكلام عن الفصاحة من باب أولى، فمن صور ضعف التأليف عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، قول حسان بن ثابت:
فلو أن مجدًا أخلد الدهر واحدًا ... من الناس أبقى مجده الدهر مطعما
فالضمير في مجده يعود على مطعم، وهو مفعول فمرتبته التأخير عن فاعله وبذلك عاد الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، وهذا خروج بالكلام عن سنن المشهور من القواعد التي ارتضاها جمهور النحاة. ومنه قول الآخر:
جزى ربه عني عدي بن حاتم ... جزاء الكلاب العاويات وقد فعل
فالضمير في ربه يعود على عدي، وهو مفعول، وذلك ممتنع عند الجمهور، فلا يصح أن يتصل بالفاعل ضمير يعود على المفعول به نحو: ضرب غلامه زيدًا، حتى لا يعود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، أما عود الضمير على متأخر لفظًا دون رتبة فهو جائز، نحو قولك: ضرب غلامه زيد؛ لأن "زيد" فاعل فرتبته