يَا إِبْرَاهِيمُ} (الأنبياء: 62)، ومثله قوله: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} (المائدة: 116) فهو تقرير بما يعرفه عيسى -عليه السلام- من هذا الحكم، وهو أنه لم يصدر منه هذا القول، وفيه توبيخ وتبكيت لمن اتخذوه وأمه إلهين من دون الله، ومنه قوله: {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ} (الشعراء: 18) فالمراد بالاستفهام تذكير موسى -عليه السلام- بنشأته وتربيته فيهم، وحمله على الإقرار بذلك أملًا من فرعون في أن يُقلع ويكف عما جاء به من قِبل الله، ولكن أنى له ذلك وموسى رسول رب العالمين!!.
ومن الثاني: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} (الضحى: 6، 7) {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} (الشرح: 1، 2) {أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ} (الفيل: 2) {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} (الإنسان: 1) فالمراد بالاستفهام في الآيات التقرير؛ بمعنى التحقيق والإثبات، ومجيء التحقيق في صورة الاستفهام فيه تنبيه للمخاطب وحث له على تدبر الأمر وتأمله.
ويأتي الاستفهام ويراد به معنى الإنكار، وقد يكون هذا الإنكار توبيخيًّا، وقد يكون تكذيبيًّا؛ فالأول إنكار وتوبيخ على أمر قد وقع في الماضي، بمعنى: ما كان ينبغي أن يقع، أو على أمر يخشى المستفهم أن يقع في المستقبل، بمعنى: ينبغي ألا يكون، فالإنكار أو النفي في التوبيخي موجه إلى الانبغاء، والمعنى: ما كان ينبغي في الماضي وينبغي ألا يكون في المستقبل، تأمل قوله تعالى: {أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا} (الكهف: 37) فالمعنى: ما كان ينبغي أن يقع هذا الكفر وقد خلقك الله وسوّاك وأنعم عليك من نعمه التي تباهي بها وتفتخر، ومثله قوله: {هَلْ عَلِمْتُمْ مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ} (يوسف: 89) وقوله: {أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ