السماء فوقنا، والأرض تحتنا، والواحد نصف الاثنين. فتلك الأخبار لا تحتمل سوى الصدق، ولكن هذا الاحتمال ليس لذات القول وإنما بالنظر إلى قائله وهو الله تعالى والرسول -صلى الله عليه وسلم- وباعتبار ثبات الأقوال في الأخبار التي تتضمن أقوالًا ثابتةً.
وننبه أيضًا إلى الأخبار التي لا تحتمل إلا الكذب، كأخبار مُسيلمة الكذاب، فمثل هذه الأقوال لا تحتمل إلا الكذب ليس لذات القول، بل باعتبار من قالها؛ ولذا قيدوا احتمال الخبر للصدق والكذب أي: لذاته، أي: بغض النظر عن قائله، ومرجع احتمال الخبر للصدق والكذب إلى تطابق النسبتين الكلامية والواقعية أو عدم تطابقهما، فقولك: نجح عمرو، له نِسبتان؛ كلامية: يفيدها النطق بالخبر والإعلام به، وخارجية: وهي ما عليه الواقع. فإن تطابقت النسبتان كان الخبر صادقًا وإن تخالفتَا كان كاذبًا.
القسم الثاني: هو الإنشاء وقد عرفوه بقولهم: قول لا يحتمل الصدق والكذب. وذلك أساليب الإنشاء يقصد بها إنشاء المعاني -كما قلنا- وصوغها ابتداءً؛ ليطلب بها مطلوبًا معينًا. وهذا لا يعني أن أساليب الإنشاء ليس لها نسبة خارجية حتى ينظر في مطابقتها للنسبة الكلامية، فيكون المعنى على الصدق أو عدم مطابقتهما، فيكون المعنى على الكذب أو عدم مطابقتها. بل لها نسبة خارجية وهي قيام المعنى الإنشائي من تمن، أو أمر، أو نهي، أو استفهام، أو نداء في نفس المتكلم.
ولكن ليس المقصود من الجملة الإنشائي الإخبار بمطابقة هذه النسبة بالنسبة الكلامية، وإنما المقصود هو إنشاء المعنى وابتداؤه.