استعلاء البركة وإحاطتهما بهما، ثم قارن بينه وبين القيد في الآية الأولى على وجوهه، وتبين كيف أبرز ذلك القيد أولئك الكفرة وقد علوا وجوههم. إن الحرف: {عَلَى} يفيد الاستعلاء، ولكنه استعلاءُ تعظيمٍ في آية الصافات، واستعلاء خزي وإهانة في آية الإسراء.

وتأمل فرق ما بين اللام وعلى في الآيات الكريمة: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة: 286)، {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} (االأنبياء: 101)، {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} (الصافات: 171)، {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} (هود: 40). تجد أن اللام قد ذكرت عند سبق النفع، و {عَلَى} قد ذكرت عند سبق الضر؛ وذلك لأنك تلحظ في اللام معنى التملك والانتفاع، وتلحظ في: {عَلَى} معنى القهر والاستعلاء؛ ولذا يقول القائل:

على أنني راض بأن أحمل الهوى ... وأخلص منه لا علي ولا لي

وتأمل فرق ما بين "على" و"في" في الآيات الكريمة: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (لقمان: 5)، {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (سبأ: 24)، {الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا} (الكهف: 101). تجد أن "على" تحمل معنى العزة والارتفاع، و"في" تحمل معنى الذل والانحطاط، وكأن المؤمن مستعلٍ على جواد يركضه حيث شاء، والكافر منغمسٌ في ظلام مرتبك فيه لا يرى ولا يعرف أين يتوجه، وقد تجد في "في" معنى العزة والرفعة؛ وذلك عندما يكون الانغماس في النعيم والعز والغرفات والمقام الأمين: {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} (سبأ: 37)، {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015