وككلمة النُقَاخ في قول الشاعر:

وأحمق ممن يكرع الماء قال لي ... دع الخمر واشرب من نقاخ مبرد

ومثل كلمة سويداواتها في قول المتنبي:

إن الكريم بلا كرام منهم ... مثل القلوب بلا سويداواتها

وقد نشأ ثقلها من طولها كما ترى، وأيضًا من ذلك كلمة الجِرِشَّا في قول المتنبي يمدح سيف الدولة:

مبارك الاسم أغر اللقب ... كريم الجرشا شريف النسب

ولعلك تدرك التنافر في كلمة الجرشا بالإضافة إلى خفاء معناها، ففيها غرابة أيضًا، ولا مانع من وجود أكثر من عيب في الكلمة الواحدة، كالتنافر والغرابة معًا. ولكن ما سبب التنافر؟ وهل هناك ضابط يمكن الاحتكام إليه في الحكم على الكلمة بالتنافر أو عدمه؟ قالوا في الإجابة عن ذلك: إن التنافر يكون لتقارب مخارج الحروف جدًّا، فهي بمنزلة مشي المقيد أو لتباعد مخارج الحروف جدًّا، فهي بمنزلة الطفرة، ومع أنه لا يمكن تجاهل ما لمخارج الحروف وهيئة تأليفها من الأثر في خفة الكلمة وثقلها إلا أنه لا يجري على قاعدة معروفة مضطردة، بل هو أمر أغلبي، فقد تكون الكلمة فصيحة مع قرب مخارج حروفها، مثل كلمة: الجيش والشجر. ومثل: ذقته بفمي. فالباء والميم أحرف شفوية متقاربة المخارج، ولا ثقل فيها.

وقد تكون الكلمة فصيحة مع بعد مخارج حروفها مثل: علم وأمر وألم، بل إن الكلمتين قد تتركبان من حروف واحدة، وتكون إحداهما ثقيلة دون الأخرى، وذلك مثل علم، ومَلَع، فالأولى خفيفة على اللسان، ولا ينبو عنها الذوق، بخلاف الثانية مع اتحاد حروفها. والحق أن المعول عليه في ذلك، هو الذوق العربي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015