بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني عشر
(أحوال المسند)
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومَن والاه؛ وبعد:
فعلى إثر فراغنا من الحديث عن أحوال المسند إليه، أستعرض في عجالة أهم ما يعتري أحوال المسند الذي يعني الخبر في الجملة الاسمية والفعل في الجملة الفعلية.
ونبدأ بالحديث عن أغراض حذفه وذكره.
على ما هو المتعارف، فإن المسند يحذف عند وجود القرينة الدالة على حذفه؛ ليفيد أغراضًا بلاغية متعددة. هذه الأغراض لا يمكن الإحاطة بها؛ لأنها دقائق ولطائف تكمن وراء العبارات والصيغ، ولا يدركها إلا المتأمل الواعي، والذوَّاقة الخبير بالنظم وأحواله.
ونحن عندما نتحدث عن أغراض الحذف، إنما نذكر بعضًا من تلك الدقائق، وأنت عندما تتأمل النظم الجيد، والأساليب الرفيعة، لا تقف عند ذاك البعض الذي نذكره، بل عليك أن تطيل النظر والبحث والتنقيب؛ حتى تصل إلى دقائق أخرى كثيرة قد لا تحيط بها في تلك الدراسة العاجلة.
ومما سبق، في باب حذف المسند إليه، فإن وراء كل حذف سواء كان المحذوف مسندًا إليه أو مسندًا أو أحد متعلقات الفعل، ثلاث مزايا بلاغية، هي: الإيجاز، والاحتراز عن العبث بناء على الظاهر، وإثارة حس مخاطب، وإيقاظ مشاعره؛ كي يقف على المطوي من العبارة، ويحيط به. وبالإضافة إلى تلك المزايا التي تكمن وراء كل حذف، نجد لحذف المسند أغراضًا بلاغيةً أخرى، أهمها: ضيق المقام، كما في قول ضابئ بن الحارث البرجمي،