فصيح. فمعنى الفصاحة كما يتضح من هذه الاستعمالات، يدور حول الظهور والبيان والبلاغة في اللغة كلمة كما قلنا تنبئ عن الوصول والانتهاء، من قولهم: بلغت الغاية إذا انتهيت إليها، ومبلغ الشيء منتهاه. ويقال: بلغ الرجل بفتح اللام كذا بلوغًا إذا وصل وانتهى إليه. ويقال: بلغ بضم اللام بلاغة إذا أتى بكلام بليغ مؤثر يصل إلى أعماق النفس، وسميت البلاغة بلاغة لأنها تنهي المعنى إلى قلب السامع فيفهمه. هكذا في (لسان العرب) في مادة بلغ. وإذا كان الأمر كذلك فنعرض للمعنى الاصطلاحي لكلمتي الفصاحة والبلاغة عند المتأخرين، فنقول: إن معنى الفصاحة يختلف باختلاف موصوفها، وهي تقع صفة للكلمة والكلام والمتكلم. تقول: كلمة فصيحة، وكلام فصيح، ومتكلم فصيح.
فصاحة الكلمة تعني أن تكون الكلمة جارية على القواعد المستنبطة من استقراء كلام العرب، متناسبة الحروف، كثيرة الاستعمال متداولة على الألسن، وإن شئت فقل: أن تكون الكلمة سلسلة سائغة واضحة المعنى موافقة للعرف اللغوي، وقد عرفها علماء البلاغة بقولهم: هي سلامتها من عيوب ثلاثة: تنافر الحروف، ومخالفة القياس اللغوي، والغرابة. أما تنافر الحروف، فهو -كما ذكر الخطيب القزويني في (الإيضاح) - وصف في الكلمة يوجب ثقلها على اللسان وعسر النطق بها