التعريف بالعلمية، فإنه يؤتى بالمسند إليه معرفًا بالعل م ية لأغراض بلاغية؛ منها:
أولًا: إحضار المسند إليه بعينه وشخصه في ذهن السامع ابتداءً باسم مختص به، فهناك بين المقامات ما يقتضي إحضار المسند إليه في ذهن السامع ابتداءً باسم مختص به، ولا يكون ذلك إلا بالعلم؛ لأنه يحضر مسماه في ذهن السامع ابتداء بخلاف ضمير الغائب مثلًا، فإنه وإن أحضر شخصه في ذهن السامع لكنه إحضارٌ يأتي ثانيًا بعد إحضاره بالمرجع أولًا، مثل: جاءني زيد وهو راكب.
والعلم نص في مسماه فلا يقع فيه التباس؛ لأنه موضوع للذات المشخصة المعينة بخلاف الضمير فليس نصًّا في معناه من حيث ذاته، بل هو موضوع ل كل غا ئب، فالذي يتحقق به إحضار المسند إليه بشخصه بمجرد النطق باللفظ والعلم، وهذا الغرض وإن كان من استعمال العلم في معناه الأصلي فهو أيضًا من وجوه البلاغة إذا اقتضاه المقام.
ومن شواهد هذا الغرض قول الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (الإخلاص: 1) على جعل ضمير الشأن مبتدأً أولًا ولفظ الجلالة مبتدأً ثانيًا، والجملة من الأخير وخبره خبر المبتدأ الأول يكون فيه الشاهد، وهو إيراد المسند إليه علمًا للن قط ة المذكورة، وهي إحضار المسند إليه في ذهن السامع ابتداء باسم مختص به لاقتضاء المقام لها حيث إنه مقام بيان للتوحيد وتقرير لوحدانية الله -عز وجل - والتعبير بلفظ الجلالة أعون على ترسيخ ذلك في ذهن السامع.